لا إشكال في أنه لو علم المغبون بالقيمة وأقدم على المعاملة فلا خيار له أصلا، سواء قلنا بأن منشأ ثبوته قاعدة لا ضرر أم تخلف الشرط الضمني، لأن مع العلم لا شرط، والضرر لم ينشأ من الحكم باللزوم بل نشأ من إقدامه، وفي حكم العلم الاطمينان. كما أنه لا إشكال في ثبوت الخيار لو كان غافلا عن القيمة بالمرة أو كان ملتفتا ولكن كان معتقدا للتساوي أو مطمئنا به. إنما الإشكال في صورة الشك وما يلحق به من الظن الغير، المعتبر فهل هو ملحق بالعلم بالغبن مطلقا أو ملحق بالعلم بعدمه مطلقا أو تفصيل بين صور الشك؟ ثم الشاك إما عالم بالحكم أو جاهل به. فلو كان عالما وشك في القيمة ولكنه أقدم على المعاملة برجاء أن لا يكون ضرر فهذا ليس مقدما على الضرر عرفا ولا ينسب الضرر إليه.
فبناء على كون منشأ الخيار قاعدة لا ضرر فالخيار ثابت له. وأما لو كان منشأه الشرط الضمني ففي ثبوت الخيار له إشكال، لأنه مع الشك في القيمة وإقدامه على المعاملة من دون اتكاله على طريق أو أصل مثبت للتساوي فكأنه أقدم مع العلم بعدمه.
فلا يقاس المقام على مورد الشك في الصحة والعيب في أن الخيار لا يسقط إذا ظهر العيب، لأنه في باب العيب كان متكلا على أصالة السلامة في الأشياء وفي المقام لا أصل يثبت أن القيمة الواقعية كذا أو كذا.
ومن هنا ظهر حال سائر أقسام الشك، وهو ما إذا أقدم على المعاملة كيف ما كان، فإنه مع هذه الحالة كيف يشترط التساوي.
وهذا من غير فرق بين أن يكون عالما بالحكم أو جاهلا، بل لا يجري قاعدة الضرر، وأيضا لأنه قد أقدم على المعاملة من دون رجاء التساوي.
بل يمكن أن يقال: إن الشاك ليس له الخيار في جميع الصور المتصورة، لأن مجرد رجاء كون المالين متساويين في القيمة وعدم كونه مغبونا لا يقتضي الإقدام على المعاملة الضررية، لأن رجاء العدم لا يخرج الفعل عن الاختيار، كمن رجا أن لا يكون السبع في الطريق ولكنه احتمله احتمالا عقلائيا فمشى في هذا الطريق فإذا افترسه السبع ينسب الفعل إليه.