وفيه أنه لا يمكن تدارك الضرر في المقام بالأمر الثاني والثالث.
أما الثاني: فلأن المعاوضة وقعت بين مجموع مالي الغابن والمغبون، فيجب أن يقال: إما بالبطلان في الجميع، أو بالصحة كذلك.
وبالجملة: استرداد جزء من أحد العوضين من دون رد ما يقابله خلاف مقتضى المعاوضة من مقابلة المجموع بالمجموع. واسترداد ورثة المريض لو قلنا به فهو حكم تعبدي، ولذا لا يتعدى إلى ما لو باع بأقل من ثمن المثل.
وأما الثالث: فتدارك ما فات من المغبون لا يخرج عن كونه هبة مستقلة، والهبة من الغابن أو غيره لا يخرج المعاملة عما وقعت عليه من الغبن. ومجرد كون داعي الواهب تدارك خسارة المتهب لا يوجب انقلاب الهبة عن حقيقتها. وتسمية هذا الإعطاء غرامة لا تغير الواقع عما هو عليه، لأن الغرامة عبارة عن تدارك ما اشتغلت الذمة به. ومجرد كون الغابن طرفا للمعاملة مع المغبون لا يوجب ضمانه لما تضرر به المغبون، لعدم تحقق موجبات الضمان من اليد والإتلاف، سيما مع جهل الغابن بالغبن.
وأما ما احتمله في القواعد من أنه " إذا ظهر كذب البائع مرابحة في إخباره برأس المال وبذل المقدار الزائد مع ربحه فلا خيار للمشتري " فلا ربط له بالمقام.
ويمكن تطبيقه على القواعد بأن يقال: إن المعاملة وقعت حقيقة بين رأس المال واقعا وبين المبيع.
غاية الأمر طبق البائع كذبا رأس المال على غير ما هو واقعه، فيكون كالخطأ في التطبيق، كما لو اشتبه البائع - مثلا - وأقبض أربعة بدلا عن ثلاثة أمنان، فإنه لا شبهة أنه يرد المن الزائد بدون خيار بين الفسخ والإمضاء، فإن المعاملة لم تقع بإزاء المن الزائد ولم يجعل جزء من الثمن في مقابله. فمسألة كذب البائع كذلك أيضا، أي في عالم اللب والواقع يجعل الثمن بإزاء رأس المال الواقعي لا ما أخبر به، فإذا انكشف خطؤه أو كذبه يرد ما هو الزائد على رأس المال مع ربح الزائد، إلا أن يمتنع وهذا بخلاف المقام، فإنه قد جعل تمام الثمن بإزاء تمام المثمن فلا