وأما الهبة، فغير المعوضة منها جوازه حكمي، لترتب إمكان الرجوع للواهب ما دام العين موجودة على نفس العنوان لا على عقدها - كما يدل عليه أخبار الباب - وجعل الخيار في الجواز الحكمي لغو.
وأما المعوضة أو ما قصد بها الثواب أو الهبة لذي الرحم وغير ذلك مما طرأ عليه اللزوم - كصورة تلف العين - فاللزوم فيها حكمي، واستثنيت من جواز الرجوع في الهبة شرعا كما يظهر من أدلتها فراجع.
وأما الصلح فلو كان في مقام المعاوضة يدخل فيه الخيار، وأما لو كان في مقام الإبراء فلا يدخل فيه، لأنه إيقاع إلا أن يرجع إلى المعاوضة.
وهكذا لو كان في مقام قطع الخصومة لا لأن مشروعيته لقطع المنازعة ينافي اشتراط الخيار - لأن هذا حكمة لتشريعه لا علة - بل لأن لزومه رتب شرعا على نفس هذا العنوان لا على العقدي منه.
وأما الضمان فكالنكاح لزومه حكمي، لأن من أثره انتقال الدين إلى ذمة الضامن وبراءة المديون، فإرجاعه إلى ما كان لا يمكن إلا بضمان آخر، والتقايل المتصور فيه أيضا هو بهذا المعنى. ويلحقه الحوالة والكفالة، وأما الرهن فلا مانع من دخوله فيه، غاية الأمر يصير الدين بعد الفسخ كالديون التي لم يجعل وثيقة لها.
وأما الجعالة والسبق والرماية فالظاهر أنها غير لازمة قبل العمل، وبعده لا يمكن شرط الخيار، لاستحقاق العامل الأجرة.
وبالجملة: كل عقد لم يكن لزومه أو جوازه حكميا بل كان من جهة الالتزام العقدي فيدخل فيه الخيار، وما ليس كذلك فلا يدخل فيه. وليس المقام مقام تنقيح المصاديق، وإنما أشرنا إلى بعضها تبعا لما أفاده شيخنا الأستاذ - أدام الله تعالى بقاءه -.
* * *