وأما العدم النعتي فلا معنى لأن يكون العدم بالنسبة إليه أولى من الوجود، لأن اتصاف الممكن بالعدم النعتي يتوقف على استمرار العدم المحمولي إلى زمان وجود المنعوت، فإذا استمر عدم القيام - مثلا - إلى زمان وجود زيد يتصف زيد بأنه لا قائم، وأما قبل وجود زيد فليس عدم القيام نعتا له فإن النعتية مساوقة لوجود المنعوت، وأما حال عدمه فليس هناك إلا العدم المحمولي.
وبالجملة: الاتصاف والنعتية من الأمور الوجودية المتوقفة على تحقق موصوف يتصف بالنعت العدمي، وعدم العرض بنفسه ليس مساوقا لكونه نعتا، ولا يمكن قياسه على وجوده، لأن وجوده مساوق لنعتيته، من باب أن وجوده لنفسه عين وجوده لمعروضه، وأما عدمه فلو استمر إلى زمان وجود ما يكون قابلا لأن يستمر هذا العدم فيه وأن يطرأ عليه نقيضه فاتصافه بالنعتية لا إشكال فيه، وأما حين عدم وجود المعروض فلا معنى لأن يكون العدم نعتا للعدم، مع أن الأعدام لا ميز لها، فأصالة العدم النعتي غير الاستصحاب لا أساس لها. وأما الاستصحاب فجريانه أيضا يتوقف على وجود معروض يستمر العدم المحمولي إلى زمان وجوده. فلو شك في أن البائع قادر أو عاجز يستصحب عجزه السابق مثلا، وأما العدم المحمولي الذي يشك في استمراره في أول وجود المعروض - كالقرشية ومخالفة الشرط للكتاب ونحو ذلك - فالاستصحاب أيضا غير جار إلا بمفاد " ليس " التامة، وهو لا أثر له، وإجراؤه لإحراز النعتية مثبت.
وعلى أي حال ففي باب تقابل العدم والملكة - الذي هو أحد فردي تقابل الوجود والعدم غاية الأمر هو عدم ما من شأنه أن يتصف بالوجود - لا يجري هذا النزاع، بل لا بد من الالتزام بشرطية القدرة، إذ العجز أمر عدمي غير قابل لأن يكون مانعا، إذ المانع هو الأمر الوجودي الذي يمنع عن تأثير المقتضي. ثم لو سلم إطلاق المانع عليه فلا ثمرة لهذا النزاع، سواء جعل القدرة شرطا أم العجز مانعا، لأن منشأ الشك في القدرة أو العجز تارة هو الشبهة الحكمية أو المفهومية، كالشك في أن الخارج عن عمومات الصحة هو العجز المستمر، أو العجز في الجملة، أو الشك في أن العجز يعم التعسر أو يختص بالتعذر.