قرائن تدل على أن المراد من العلماء فيه: هم الأئمة (عليهم السلام)، فإنهم هم الأمناء على حلال الله وحرامه.
وأما التوقيع الشريف فغاية تقريبه للمدعى ما أفاده في المتن من الوجوه التي منها: ظهور الحوادث في مطلق الوقائع التي لا بد من الرجوع فيها إلى الإمام (عليه السلام) مع حضوره، من غير فرق بين الأحكام والسياسات: من إجراء الحدود وأخذ الزكوات ونحو ذلك.
ومنها: إرجاع نفس الحوادث إلى رواة الأحاديث الذين هم الفقهاء، فتكون ظاهرة في الأمور العامة، لا أحكامها حتى تكون ظاهرة في الإفتاء والقضاء.
ومنها: التعليل بكونهم حجة من قبله كما أنه (عليه السلام) حجة من قبل الله، فما كان له (عليه السلام) من قبل الله سبحانه وكان قابلا للتفويض فهو للرواة.
ومنها: أن مثل إسحاق بن يعقوب أجل شأنا من أن يخفى عليه لزوم الرجوع في المسائل الشرعية إلى الفقهاء، بخلاف الرجوع إليهم في الأمور العامة، فإنه يحتمل أن يكون الإمام (عليه السلام) قد جعله لشخص خاص أو أشخاص معينة من ثقات ذاك الزمان فيريد معرفته، فيوقع الإمام - أرواحنا له الفداء - بأن جميع الرواة مراجع لهذه الأمور.
هذا، ولا يخفى ما في هذه الوجوه من المناقشة:
أما الأول: فلأن السؤال غير معلوم، فلعل المراد من الحوادث: هي الحوادث المعهودة بين الإمام (عليه السلام) والسائل، وعلى فرض عمومها فالمتيقن منها هي الفروع المتجددة والأمور الراجعة إلى الإفتاء، لا الأعم.
وأما الثاني: فلأن أدنى المناسبة بين نفس الحوادث وحكمها كاف للسؤال عن حكمها، فيكون الفقيه هو المرجع في الأحكام، لا في نفس الحوادث.
وأما الثالث: فلأن الحجة تناسب المبلغية في الأحكام والرسالة على الأنام أيضا، كما في قوله عز من قائل: * (قل فلله الحجة البالغة) * (1)، وقوله: * (تلك حجتنا