آتيناها إبراهيم) * (1)، ونحو ذلك مما ورد بمعنى البرهان الذي به يحتج على الطرف.
وبهذا المعنى أيضا ورد قوله (عليه السلام): " إن الأرض لا تخلو من حجة " (2)، لأن به يتم الحجة، ويهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة. ولذا وصفهم برواة الأحاديث الذين شأنهم التبليغ.
وأما الرابع: فكون محمد بن إسحاق من أجلاء العلماء لا ينافي سؤاله عن أمر جلي، ولذا يسأل مثل زرارة ومحمد بن مسلم من الإمام ما لا يخفى على أحد.
هذا، مع أن سؤاله لا يكون ظاهرا في تكليف المسلمين في الغيبة الكبرى حتى يكون الجواب ظاهرا في عموم الوقائع، بل يسأل عن حالهم في الغيبة الصغرى، فإن العمري الذي بتوسطه سأل محمد بن إسحاق عن حكم الوقائع عن الإمام (عليه السلام) هو محمد بن عثمان العمري، كما يظهر من قوله (عليه السلام) في ذيل الخبر: " وأما محمد بن عثمان العمري فرضي الله عنه وعن أبيه من قبل، فإنه ثقتي وكتابه كتابي " (3)، وهو كان سفيرا من قبله (عليه السلام)، فلعله يسأل بتوسطه عن المرجع في الفروع المتجددة في ذاك العصر، لا عن المرجع في الأمور العامة.
وأما روايتا أبي خديجة فاختصاصهما بالقضاء واضح، مضافا إلى ضعفهما، لأن له حالة اعوجاج عن طريق الحق، وهي زمان متابعته للخطابية، وحالتي استقامة، وهما: قبل الاعوجاج وبعده، ولم يعلم أنه رواهما في أي الحالات.
وكيف كان لا تدلان إلا على نفوذ قضاء المجتهد المطلق أو المتجزي أيضا، دون مطلق الأمور العامة.
فإن إحداهما قوله (عليه السلام): " اجعلوا بينكم رجلا ممن عرف حلالنا وحرامنا " (4).