الغاصب إذا تلف الثمن، فإنه لو اقتضى العلم بالفساد من جهة الغصب تمليك المشتري للغاصب مجانا لاقتضى التمليك في المقام المجانية أيضا، بل عرفت أن بعضهم عمم عدم الرجوع إلى الغاصب حتى في مورد بقاء العين أيضا، ولكنك عرفت ضعف هذا القول.
وعلى أي حال فلو قيل بأن في مورد رد المغصوب منه لا يرجع المشتري العالم إلى الغاصب في مورد تلف الثمن فمقتضاه عدم وقوع بعض الثمن بإزاء غير المملوك في المقام، مع أن ظاهر المشهور هو التقسيط، وعدم التزامهم بوقوع مجموع الثمن مقابل المملوك، أو وقوع ما بإزاء غير المملوك للبائع مجانا.
ولكنه يمكن دفع الإشكال بدعوى الفرق بين المقام وبين الفساد من جهة الغصب، وهو أن في الغصب حيث إن المشتري العالم لم يضمن البائع الغاصب إلا بمال الغير، فيقع الثمن للغاصب مجانا إذا رد الغير الذي هو صاحب المبيع، وليس على الغاصب ضمان بالنسبة إلى الثمن إلا إذا كان موجودا فيسترد منه، لأنه في حكم الهبة المجانية. وأما في المقام فبعد جعل بعض الثمن بالإنشاء المعاملي مقابلا لما لا يقبل التملك فلا وجه لأن يكون مجموع الثمن مقابلا لما يقبل التملك، أو يكون ما بإزاء غير المملوك للبائع مجانا.
نعم، قياس المقام على باب الغصب إنما يصح في ما إذا كان ما لا يقبل التملك غير مال عرفا أيضا، كالقاذورات والحشرات.
وتوضيح ذلك: أن ما لا يقبل التملك على أقسام ثلاثة:
قسم لا يقبله شرعا مع قبوله عرفا، كالخمر والخنزير.
وقسم لا يقبله شرعا وعرفا، كالحشرات ونحوها.
وقسم متوسط بينهما، كالحر، فإن مقتضى التملك فيه موجود، ولكنه لا يقبله شرعا، ولذا يفرض عبدا في الجنايات الواردة عليه الغير المقدرة شرعا، ويؤخذ دية الجناية الواردة على العبد من الجاني، وهكذا يصح استرقاقه في بعض الموارد، بل يصلح أن يصير مالا عند العرف في جميع الموارد.