اليقين ضد لكل منهما، لأنه اعتقاد جازم مطابق للواقع، فمن حيث اعتبار الجزم فيه يكون ضدا للحيرة، ومن حيث اعتبار المطابقة للواقع يكون ضدا للجهل المركب، ومنشأ حصول اليقين هو استقامة الذهن وصفاؤه مع مراعاة شرائط الاستدلال، ومنشأ الجهل المركب اعوجاج الذهن، أو حصول الخطأ في الاستدلال، أو وجود مانع من إفاضة الحق كعصبية، أو تقليد أو أمثال ذلك، ومنشأ الحيرة هو قصور الذهن وكدرته، أو الالتهاب الموجب للتجاوز عن المطلوب، أو عدم الإحاطة بمقدماته، ومنها (الشرك) وضده التوحيد.
ومنها " الوساوس " النفسانية والخواطر الباطلة الشيطانية، وهذا أيضا من باب رداءة الكيفية، وكان الظاهر أن يعد ذلك من رذائل قوتي الوهم والمتخيلة دون العاقلة، إذ الغالب أنها لا تنفك عن الاختلال فيهما، إلا أنك قد عرفت العذر في ذلك، وضدها الخواطر المحمودة التي من جملتها الفكر في بدائع صنع الله سبحانه وعجائب مخلوقاته. ومنها (استنباط المكر والحيلة) للوصول إلى مقتضيات الشهوة والغضب، وهو من طرف الإفراط.
وأما جنسا الرذائل للقوة الغضبية، فأولهما (التهور) وثانيهما (الجبن) وقد عرفت أن ضدهما من الفضيلة (الشجاعة). وأما الأنواع واللوازم والنتائج المترتبة عليها، فمنها (الخوف) وهو هيئة نفسانية مؤذية تحدث من توقع مكروه أو زوال مرغوب، وهو مذموم إلا ما كان لأجل المعصية والخيانة، أو من الله وعظمته. والمذموم من رذائل تلك القوة ومن نتائج الجبن وضده الأمن من مكر الله، وهو - أي الممدوح من الخوف - يلازم الرجاء وضده الأمن من مكر الله، وهو - أي الممدوح من الخوف - يلازم الرجاء وضده اليأس. ومنها (صغر النفس) أي ملكة العجز عن تحمل الواردات وهو من نتائج الجبن، وضده كبر النفس أي ملكة التحمل لما يرد عليه كائنا ما كان. ومن جملة التحمل التحمل على الخوض في الأهوال، وقوة المقاومة مع الشدائد والآلام ويسمى (بالثبات) فهو أخص من كبر النفس، وضده الاضطراب في الأهوال والشدائد. ومن جملة الثبات الثبات في الإيمان، ومنها (دناءة الهمة) وهو القصور عن طلب معالي الأمور وهو من لوازم ضعف النفس وصغرها، وضده (علو الهمة) الذي هو من لوازم