وقت، ورذيلة بالنسبة إلى غيره.
وتوضيح الكلام أنه لا ريب في أن الوسط الحقيقي في الأخلاق لكونه في حكم نقطة غير منقسمة لا يمكن وجدانه ولا الثبات عليه، ولذا ترى من هو متصف بفضيلة من الفضائل لا يمكن الحكم بكون تلك الفضيلة " هي الوسط الحقيقي، إلا أنه لما كانت تلك الفضيلة " (8) قريبة إليه ولا يمكن وجود الأقرب منها إليه له، يحكم بكونها وسطا إضافيا لأقربيتها إليه بالنسبة إلى سائر المراتب فالاعتدال الإضافي له عرض، وسطه الاعتدال الحقيقي، وطرفاه طرفا الإفراط والتفريط، إلا أنه ما لم يخرج عن هذين الطرفين يكون اعتدالا إضافيا، وكلما كان أقرب إلى الحقيقي كان أكمل وأقوى، وإذا خرج عنهما دخل في الرذيلة.
لا يقال: على هذا ينبغي أن يكون الاعتدال الطبي في المزاج أيضا كذلك أي له عرض وسطه الاعتدال الحقيقي وطرفاه خارجان عن الاعتدال الطبي، حتى أنه كلما قرب إلى الحقيقي صار الطبي أقوى وأكمل مع أنه ليس الأمر كذلك، إذ القياس يقتضي الخروج عن الاعتدال الطبي، أو ضعفه لقربه إلى الحقيقي.
" بيان ذلك " أن الاعتدال الحقيقي في المزاج أن تكون أجزاء العناصر متكافئة القوة، والاعتدال الطبي في نوع الإنسان أو شخص من أشخاصه أن تكون الأجزاء الحارة مثلا من عشرة إلى اثني عشرة، والباردة من ثمانية إلى تسعة، واليابسة من سبعة إلى ثمانية، والرطبة من ستة إلى سبعة، فإذا كانت الأجزاء الحارة ستة، والباردة خمسة، واليابسة أربعة، والرطبة ثلاثة كانت خارجة عن الاعتدال الطبي، مع صيرورته أقرب إلى الحقيقي، بل إذا فرضت تكافؤ أجزاء العناصر الأربعة حتى حصل نفس الاعتدال الحقيقي خرجت أيضا عنه، فلا يكون الحقيقي وسط الطبي حتى أنه كلما يصير إليه أقرب يكون أقوى وأكمل.
لأنا نقول نحن لا ندعي: أن الحقيقي وسط الطبي بل هو أمر مغاير له، والحقيقي في طرفه الخارج، فإن له طرفين: " أحدهما " أن تصير