له، إذ جميع الرذائل والفضائل لا يخرج عن التعلق بالقوى الثلاث، أعني العاقلة والغضبية والشهوية، وإن كان للقوة العملية مدخلية في الجميع من حيث التوسط، فنحن ندخل الجميع تحت أجناس القوى الثلاث من غير اندراج شئ منها تحت العدالة، وقد عرفت أن بعضها متعلق بالعاقلة فقط، وبعضها بالقوة الغضبية فقط، وبعضها بالشهوية فقط، وبعضها بالاثنين منها أو الثلاث معا.، فنحن نذكر ذلك في مقامات أربعة.
ولمزيد الإحاطة نشير هنا إجمالا إلى أسماء الأجناس والأنواع واللوازم التي لكل جنس، ونذكر أولا ما يتعلق بالغضبية، ثم ما يتعلق بالشهوية، ثم ما يتعلق بالثلاث أو الاثنتين منها، وتذكر أولا الرذيلة، ثم نشير إلى ضدها من الفضيلة إن كان له اسم، ثم في باب المعالجات نذكر معالجة كل رذيلة من الأجناس والأنواع والنتائج ونذيلها بذكر ضدها من الفضيلة، ونذكر أولا جنسي الرذيلة لكل قوة، ونذيلهما بضدهما الذي هو جنس فضيلتها، ثم نذكر الأنواع والنتائج على النحو المذكور، أي نذكر أولا الرذيلة بأحكامها " ومعالجاتها " (9)، ثم نشير إلى ضدها، وما ورد في مدحه ترغيبا للطالبين على أخذه والاجتناب عن ضده، ولذلك لم نتابع القوم في التفريق بين الرذائل والفضائل وذكر كل منهما على حدة.
ثم بيان الأنواع واللوازم على ما ذكر أكثره القوم لا يخلو عن الاختلال إما في التعريف والتفسير، أو في الفرق والتمييز، أو في الادخال تحت ما جعلوه نوعا له، أو غير ذلك من وجوه الاختلال، فنحن لا نتبعهم في ذلك، ونبينها إدخالا وتمييزا وتعريفا ما يقتضيه النظر الصحيح، فنقول:
أما جنسا الرذيلة للقوة العقلية، " فأولهما " (الجربزة والسفسطة) وهي من طرف الإفراط، و " ثانيهما " (الجهل البسيط) وهو من طرف التفريط وضدهما (العلم والحكمة)، وأما الأنواع واللوازم المترتبة عليهما، فمنها (الجهل المركب) وهو منم باب رداءة الكيفية. ومنها (الحيرة والشك) وهو من طرف الإفراط على ما قيل، وضد الجهل المركب إدراك ما هو الحق أو زوال العلم بأنه يعلم، وضد الحيرة الجزم بأحد الطرفين. وبذلك يظهر أن