الشهوة، واعتقدت جهلا كونه خيرا لها كان ذلك من رذائل قوتي العاقلة والشهوة، وإن كانت مائلة إلى شئ من مقتضيات قوة الغضب. واعتقدت جهلا كونه خيرا لها كان ذلك من رذائل قوتي العاقلة والغضب، وإن كانت مائلة إلى شئ من مقتضياتهما معا مع اعتقادها كونه خيرا لها كان من رذائل الثلاث معا.
ثم مرادنا من تعلق صفة بالقوى المتعددة وكونها معدودة من رذائلها أو فضائلها أن يكون لكل منها تأثير في حدوثها وإيجادها، أي يكون من جملة عللها الفاعلة الموجدة، بحيث لو قطع النطر عن فعل واحدة منها لم تتحقق هذه الصفة، فإن الغرور يتحقق بالميل والاعتقاد، بمعنى أن كلا منهما مؤثر في إيجاده وإحداثه، ولو لم يكن الاعتقاد المتعلق بالعاقلة والميل المتعلق بالشهوة والغضب لم يوجد غرور. فلو كانت مدخلية قوة في صفة بمجرد الباعثية، أي كانت باعثة لقوة أخرى على إيجاد هذه الصفة وإحداثها، بحيث أمكن تحقق هذه الصفة مع قطع النظر عن هذه القوة بباعث آخر لم تكن متعلقة بها، ولم نعدها من رذائلها أو فضائلها، بل كانت متعلقة بالقوة الأخرى التي هي مباشرة لإحداثها وإيجادها، مثل الغضب الحاصل من فقد شئ من مقتضيات شهوة البطن والفرج، وإن كان باعثه قوة الشهوة إلا أنه ليس لقوة الشهوة وفعلها شركة في إحداثه وإيجاده، بل الإحداث إنما هو من القوة الغضبية، ومدخلية الشهوية إنما هو بتحريكها وتهييجها الغضبية للإحداث والإيجاد، ولا ريب في أن للعاقلة هذه الباعثية في صدور أكثر الصفات مع عدم عدها من رذائلها " أو فضائلها " (3).
وإذا عرفت ذلك فاعلم أنا نذكر أولا ما يتعلق بالعاقلة من الرذائل والفضائل ثم ما يتعلق بالقوة الغضبية منهما، ثم ما يتعلق بالشهوية منهما، ثم ما يتعلق بهما أو الثلاث.