وصدره لجامع بن مرخية الكلابي، وهو مغير ناقص جزءا، وعجزه للكميت، ووزنهما مختلف، الصدر من الطويل، والعجز من الوافر، وبيت جامع:
أقول له مهلا ولا مهل عنده * ولا عند جاري دمعه المتهلل (1) وأما بيت الكميت فهو:
وكنا يا قضاع لكم فمهلا * وما مهل بواعظة الجهول (2) فعلى هذا يكون البيت من الوافر موزونا.
قلت: وقد أنشده الصاغاني للكميت على الصواب، وكذا الأزهري أنشد البيت الأول لجامع بن مرخية على الصواب.
ويقال: رزق مهلا: إذا ركب الذنوب والخطايا فمهل ولم يعجل.
والمهل، بالضم: اسم يجمع معدنيات الجواهر الأرضية كالفضة والحديد ونحوهما، كالذهب والنحاس.
وقال أبو عبيدة: هو كل فلز أذيب.
والمهل: القطران الرقيق الماهي يشبه الزيت، وهو يضرب إلى الصفرة، دسم، يدهن به الإبل في الشتاء، والقطران الخاثر لا يهنأ به، كالمهلة، بزيادة الهاء.
والمهل أيضا: ما ذاب من صفر أو حديد، وهكذا فسر في التنزيل، والله أعلم، وهو قوله تعالى: (يغاثوا بماء كالمهل) (3).
وسئل ابن مسعود عن المهل، فأذاب فضة فجعلت تميع وتلون، فقال: هذا ممن أشبه ما أنتم راؤون بالمهل.
وقال بعضهم: هو النحاس المذاب.
وقيل: هو الزيت عامته أو درديه، عن أبي عمرو، وبه فسر الزجاج قوله تعالى: (يوم تكون السماء كالمهل) (4)، وقيل: هو العكر المغلى، وأنشد ابن بري للأفوه الأودي:
وكأنما أسلاتهم مهنوءة * بالمهل من ندب الكلوم إذا جرى (5) شبه الدم حين يبس بدردي الزيت، أو رقيقه.
وقال أبو عبيد: المهل في غير القرآن: ما يتحات عن الخبزة من الرماد والجمر، إذا أخرجت من الملة.
وقال ابن شميل: المهل عندهم: الملة إذا حميت جدا رأيتها تموج.
وقالت العامرية: المهل عندنا السم، هو في حديث أبي بكر رضي الله عنه: القيح وصديد الميت، عن أبي عمرو، وهو أنه أوصى في مرضه فقال: ادفنوني في ثوبي هذين فإنما هما للمهل والتراب. كالمهل، بالفتح وبالتحريك، نقله ابن سيده، والمهلة مثلثة، وبكل ذلك روي الحديث المذكور، ويحرك، وهذه عن ابن عباد، وبه روي الحديث أيضا.
ومهل البعير مهلا: طلاه بالخضخاض، فهو ممهول، قال أبو وجزة:
صافي الأديم هجان غير مذبحه * كأنه بدم المكنان ممهول (6) مهلت الغنم: إذا رعت، بالليل أو النهار، على مهلها.
والمهل، محركة: التقدم في الخير، يقال: فلان ذو مهل: أي ذو تقدم في الخير، ولا يقال في الشر، وقال ذو الرمة:
كم فيهم من أشم الأنف ذي مهل * يأبى الظلامة منه الضيغم الضاري (7) أي تقدم في الشرف والفضل.
وقال ابن الأعرابي: روي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه لما لقي الشراة قال لأصحابه: وإذا سرتم إلى