ربك وهتكت سترك وأبحت حرمتك وتعرضت للقتل.
قال: ثم احتملها فأدخلها البصرة وأنزلها في دار عبد الله (1) بن خلف الخزاعي، فقالت عائشة لأخيها: يا أخي! أنشدك بالله إلا طلبت لي ابن أختك عبد الله بن الزبير، فقال لها محمد: ولم تسألين عن عبد الله؟ فو الله ما سامك أحد سواه! فقالت عائشة: مهلا يا أخي! فإنه ابن أختك وقد كان ما ليس إلى رده سبيل، فأقبل محمد إلى موضع المعركة فإذا هو بعبد الله بن الزبير جريحا لما به، فقال له محمد: اجلس يا مشؤوم أهل بيته! اجلس لا أجلسك الله! قال: فجلس ابن الزبير وحمله محمد بين يديه وركب من خلفه، وجعل يمسكه وهو يميل من الجراح التي به حتى أدخله على عائشة، فلما نظرت إليه على تلك الحالة بكت ثم قالت لأخيها محمد: يا أخي! استأمن له عليا وتمم إحسانك، فقال لها محمد: لا بارك الله لك فيه! ثم سار إلى علي وسأله ذلك، فقال علي: قد آمنته وآمنت جميع الناس.
قال: وجعل رجل من أهل الكوفة يقال له مسعود بن عمرو الهمداني يجول في القتلى وينظر إليهم، فبينما هو كذلك إذ مر برجل من بني ضبة يقال له عمير (2) بن الاهلب، فإذا هو مقطوع اليدين وبه ضربات كثيرة وقد ندم على قتاله مع عائشة وهو يقول شعرا (3)، قال: فجعل الهمداني يتعجب من قول الضبي، فقال له الضبي:
ممن الرجل؟ فقال: رجل من همدان، فقال: ما لي أراك واقفا متعجبا من قولي، فقال الهمداني: إني أتعجب من ندامتك حين لا تنفعك الندامة، فقال له الضبي:
قرب إلي أذنك، فقرب إليه أذنه، فعض عليها الضبي حتى قطعها، وانفلت الهمداني بغير أذن ثم أنكر عليه بسيفه حتى قطعه إربا إربا (4).