على ظهر المسير (1)، فلما نظروا إليه نادوه من كل جانب: أيها الراكب: ما عندك؟
قال: فنادى الجهني بأعلى صوته شعرا يخبر فيه قدوم عائشة وطلحة والزبير، قال:
فلما سمع علي ذلك دعا محمد بن أبي بكر وقال له: ألا ترى إلى أختك عائشة كيف خرجت من بيتها الذي أمرها الله عز وجل أن تقر فيه وأخرجت معها طلحة والزبير يريدان البصرة لشقاقي وفراقي؟ فقال له محمد: يا أمير المؤمنين! لا عليك، فإن الله معك ولن يخذلك، والناس بعد ذلك ناصروك، والله تبارك وتعالى كافيك أمرهم إن شاء الله.
قال: فعندها نادى علي رضي الله عنه في أصحابه فجمعهم، ثم قال (2): أيها الناس! إن الله تبارك وتعالى بعث كتابا ناطقا لا يهلك عنه إلا هالك وإن المبتدعات المشتبهات (3) هن المهلكات المرديات إلا من حفظ الله، وإن في سلطان الله عصمة أمركم، فأعطوه طاعتكم، ألا! وتهيأوا لقتال الفرقة الذين يريدون تفريق جماعتكم فلعل الله تعالى يصلح بكم ما أفسد أهل الشقاق، ألا (4) إن طلحة والزبير قد تمالا علي بسخط أقاربي (5) ودعوا الناس إلى مخالفتي وأنا سائر إليهم ومنابزهم حتى يحكم الله بيني وبينهم - والسلام -.
قال: فأجابه الناس إلى ذلك، وعائشة قد تقدمت فيمن معها من الناس، حتى إذا بلغت إلى ماء الحوأب وذلك في وقت السحر نبحت الكلاب، فسمعت عائشة رجلا من أهل عسكرها يسأل ويقول: أي ماء هذا؟ فقيل له: هذا ماء الحوأب، فقال عائشة: ردوني! فقيل لها: ولم ذلك؟ فقالت: لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (كأني بامرأة من نسائي تنبح عليها كلاب الحوأب، فاتقي