أبا عبد الرحمن! إن عائشة قد خافت في هذا الامر وعزمت على المسير إلى البصرة فاشخص معنا ولك بنا أسوة، فأنت أحق بهذا الامر، قال: وكلمه الزبير وقال: أبا عبد الرحمن! لا تنظرن إلى أول أمرنا في عثمان وبيعتنا عليا ولكن انظر إلى آخر أمرنا، إننا ما نريد في مسيرنا هذا إلا علاج الأمة وقد خافت عائشة وليست بك عنها رغبة، قال: فقال عبد الله بن عمر: أيها الرجلان! أتريدان أن تخدعاني لتخرجاني من بيتي كما يخرج الأرنب من جحره، ثم تلقياني بين لحيي علي بن أبي طالب، مهلا يا هذان! فإن الناس إنما يخدعون بالوصف والوصيفة والدينار والدرهم ولست من أولئك، إني قد تركت هذا الامر عيانا وأنا أدعى إليه، فدعوني واطلبوا لامركم غيري، قال فقال الزبير: يغني الله عنك.
قال: وقدم يعلى بن منية من اليمن، وقد كان عاملا عليها من قبل، فقدم ومعه أربعمائة بعير (1) فدعا الناس إلى الحملان، فقال له الزبير: دعنا بين إبلك هذه، هات فأقرضنا مما لك ما نستعين به على ما نريد، فأقرضهم ستين ألف دينار، ففرقها الزبير فيمن أحب ممن خف معه، قال: ثم شاوروا في المسير، فقال الزبير: عليكم بالشام! فيها الرجال والأموال وبها معاوية وهو عدو لعلي، فقال الوليد بن عقبة: لا والله ما في أيديكم من الشام قليل ولا كثير! وذلك أن عثمان بن عفان قد كان استعان بمعاوية لينصره وقد حوصر فلم يفعل وتربص حتى قتل، لذلك يتخلص له الشام، أفتطمع أن أسلمها إليكم؟ مهلا عن ذكر الشام وعليكم بغيرها (2) ثم اعتزلهم الوليد بن عقبة وأنشأ يقول أبياتا مطلعها:
قولا لطلحة والزبير خطئتما * بقتلكما عثمان خير قتيل إلى آخرها.
قال: واتصل الخبر بمعاوية أن طلحة والزبير وعائشة قد تحالفوا على علي رضي الله عنه وقد اجتمع إليه جماعة من الناس وأنهم يريدون الشام، فكأنه اغتم