عن بيعته. فقال لهم: ما لي أراكم قد أبطأتم عن بيعتي؟ قال: فتكلم الوليد بن عقبة فقال: يا أبا الحسن: إنك وترتنا بأجمعنا، أما أنا فقتلت أبي صبرا يوم مكة (1)، وخذلت أخي عثمان بن عفان فلم تنصره، وأما سعيد بن العاص فقتلت أباه يوم بدر وكان سيد بني أمية، وأما مروان فسحقت أباه (2) عند عثمان لما رده إلى المدينة وضمه إليه، ونحن نبايعك الآن على أن تقتل من قتل صاحبنا عثمان، وعلى أنك تسوغنا ما يكون منا، وعلى أنا إن خفناك على أنفسنا لحقنا بالشام عند ابن عمنا معاوية، فقال علي رضي الله عنه: أما ما ذكرتم أني وترتكم فإن الحق وتركم، وأما وضعي عنكم ما يكون منكم فليس لي أن أضع عنكم حقا لله تعالى قد وجب عليكم، وأما قتلي لقتلة عثمان فلو لزمني اليوم قتلهم لقتلتهم أمس، وأما خوفكم إياي فإني أؤمنكم مما تخافون. قال: فقال له مروان: أفرأيت إن نحن لم نبايعك ماذا تصنع بنا؟ فقال علي: اصنع بكم أني أحبسكم حتى تدخلوا فيما دخل فيه المسلمون، وإن طعنتم ذلك عاقبتكم أشد العقوبة، قالوا: فإننا نبايع. قال: فبايع مروان والوليد بن عقبة وسعيد بن العاص صاغرين (3)، ثم إن الوليد بن عقبة أنشأ أبياتا مطلعها:
تقدمت لما لم أجد لي مقدما * أمامي ولا خلفي من الموت مرحلا إلى آخرها.
قال: فبلغ عليا هذا الشعر، فأرسل إلى الوليد بن عقبة وإلى صاحبيه مروان وسعيد بن العاص، فقال: إن خفتم من أمري شيئا أمنتكم منه، وإن أبيتم إلا ما في أنفسكم فالحقوا بأي بلدة شئتم، فقال مروان: لا بل نقيم، فقال علي: ذاك إليكم.
قال: فأقام القوم بالمدينة (4)، فقال رجل: يا مروان! كم أتت عليك من