وكان جثمان الفقيد الكبير قد وصل من بيروت إلى الحدود السورية في الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر الاثنين تواكبه مئات السيارات، وقد استقبله على الحدود رجال لجنة التشييع الرسمية والوفود الشعبية وأديت للجثمان التحية الرسمية، ثم سار الموكب وكان مؤلفا من أكثر من ألف سيارة فضلا عن عشرات سيارات النقل الكبيرة نحو العاصمة.
وعند وصول الموكب العظيم إلى مدخل المدينة اخترق شوارع بيروت، جسر فكتوريا، الحجاز، النصر، الدرويشية، مدحت باشا، الأمين ثم استقر في المدرسة المحسنية.
وفي مساء نفس اليوم زحفت وفود المدينة تعزي آل الفقيد الكبير وطائفته وتليت آيات القرآن الكريم حتى الصباح.
الوفود تقدم التعازي وفي المساء قصدت الوفود الغفيرة دار المدرسة المحسنية الكبيرة مقدمة العزاء في الراحل الكبير الذي شعر المسلمون بالفراغ الهائل الذي خلفته وفاته.
ونحن نكرر هنا تعازينا الحارة للطائفة الشيعية ولأسرة الفقيد الكبير وللعالم الاسلامي بفقد هذا الركن الركين والآية العظمى في الدين.
ونشرت الصحف أبرز برقيات التعزية فقالت العصر الجديد تحت هذا العنوان:
الملوك والرؤساء والعظماء والزعماء في العالم العربي يعزون بفقيد العروبة والاسلام المجتهد الأكبر العلامة السيد محسن الأمين.
لا تزال المدرسة المحسنية في شارع الأمين تتلقى ألوف برقيات التعزية يوميا من مختلف البلدان العربية والاسلامية وكلها تحمل الحزن واللوعة على المجتهد الأكبر فقيد الاسلام والعروبة السيد محسن الأمين لما كان يتمتع به رضوان الله عليه من المكانة والاحترام في جميع البلدان العربية والاسلامية وقد رأينا من الواجب الصحفي نشر طائفة من هذه البرقيات.
وقالت جريدة دمشق المساء رجل العرب والاسلام شيعته الدنيا بين الحسرات والزفرات.
شيعت دمشق اليوم، سماحة المجتهد الأكبر المغفور له السيد محسن الأمين في مواكب كبرى وزحام كأنه الحشر من المدرسة المحسنية إلى الجامع الأموي الكبير حيث صلي على روحه الطاهرة، ثم إلى مقبرة الباب الصغير ثم إلى دوحة السيدة زينب رضي الله عنها.
وشهدت دمشق في أصيل أمس الباكي الموكب الزاخر وهو يدخل دمشق قادما من لبنان في أكثر من ألف سيارة تحمل العرب والمسلمين الباكين المفجوعين بانتقال الرجل العظيم من دار الفناء إلى دار البقاء وجنات النعيم المقيم التي وعد الله بها عباده المتقين، واشتركت سورية ولبنان والعراق وإيران وأكثر الدول العربية والاسلامية رسميا وشعبيا في تشييع جثمان الرجل الذي انصرف إلى الله والعبادة والتقوى والزهد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر طيلة سبعين عاما، كان خلالها المصلح الأكبر والمجتهد الأمين، والمؤمن بالله جل شانه والمقتدي بسنة رسوله محمد بن عبد الله ص، كتابه القرآن ودينه الاسلام وحياته ماثر وفضائل واخلاق ومروءات، وتقشفه تقشف الأولياء الصالحين الذين لم يغرهم زخرف الدنيا ولم يستملهم جاها ولم يلمع في عيونهم بريقها.
كان الفقيد العظيم للمسلمين والعرب جميعا، لا لطائفة دون طائفة ولا لفريق من المسلمين والعرب دون فريق، وكان المسلمون يزدحمون في مصلاه ومحرابه وزاويته الزاهدة التقية يصغون في رهبة الخشوع وفي احترام الموقف وفي جلال المحدث إلى حديثه ومواعظه وارشاده والى نصائحه ودروسه، ويرون إلى ما كان عليه الرجل العظيم من تواضع وتسامح ونبل فيذكرون السلف الصالح والمؤمنين الصادقين والوطنيين المجاهدين في سبيل نصرة الاسلام والذود عن حياضه وإعادة امجاده وبطولاته وأوامره ونواهيه سيرتها العطرة المجيدة الأولى.
اليوم، بين مواكب البكاء والأنين، وفي موجات متدافعة من الحسرات والزفرات، شيع العرب والمسلمون في الدنيا رجل الاسلام الحق الصادق المغفور له السيد محسن الأمين.
وقالت يوم الأسبوع:
شيعوا الشمس ومالوا بضحاها * وانحنى الشرق عليها فبكاها العالمان العربي والإسلامي في موكب تشييع المجتهد الأكبر.
بكى العالمان العربي والإسلامي، في الأسبوع الماضي، الفقيد العظيم المغفور له السيد محسن الأمين الحسيني المجتهد الأكبر، وشيعته سورية ولبنان ووفود الدول العربية والاسلامية إلى مقره الأخير في روضة السيدة زينب رضي الله عنها في مواكب من دموع تزحم مواكب من حرقة ولوعة وحسرة، وذكر المسلمون في سورية سيرة هذا الرجل المؤمن الذي عاش في دمشق الخالدة عيشة السلف الصالح والأولياء الزاهدين والعلماء المجتهدين والزعماء البررة المصلحين والتفت الدمشقيون على اختلاف طوائفهم، إلى مدرسته وزاويته ومحرابه، والى داره المتواضعة المتقشفة التي كانت محجة كل مواطن، ينعم في ظلها الهادئ وجوها المطمئن بحديث رجل الله الذي عزف عن الدنيا ومباهجها وزخرفها ليهدي الناس السبيل السوي ويبشر بكتاب الله القرآن وسنة رسوله النبي العربي القرشي، وليدعو الناس إلى الخير والحق والصدق، لقد كانت زاوية الفقيد الأمين والمجتهد العظيم ملتقى الذين أحبوا النور وخشعوا للوحي وانحنوا خاشعين للايمان بوحدانية الخالق وللاخلاص في الدعوة إلى الرسالة المحمدية والحياة الفاضلة النموذجية، والى الطهارة والعفة والصفاء من كل حقد وغل وبغضاء.
رحم الله المجتهد الأكبر واجزل ثوابه، وأحسن إلى روحه الطاهرة احسان المجتهد الأكبر إلى العرب والمسلمين كافة، وعوض الله العرب والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الإمام الحق الصادق الذي يخلف الإمام الحق الصادق الذي طواه الموت وخلده في الصدور والالباب الايمان والعلم والخلق والأدب والاباء والجهاد المخلص في سبيل الله.
وقالت جريدة القبس: