كان قد صام يوم التروية وعرفة عالما بأن الثالث العيد فإنه يصوم الثالث ح بعد العيد بل وبعد أيام التشريق على الأقوى نعم لا يؤخره زيد من ذلك على الأحوط والأقوى أما لو صام أقل من ذلك بأن صام يوم عرفة خاصة استأنف وكذا لو فصل بين اليومين والثالث بغير العيد كما لو صام قبل التروية بيوم ويوم التروية وأفطر يوم عرفة على الأصح وفي غير الثلاثة المزبورة لا يجوز لمن كان عليه صوم متتابع أن يبتدء به في زمان يعلم أنه لا يسلم له بتخلل عيد أو شهر رمضان أو نحو ذلك فمن رجب عليه شهران متتابعان لا يصوم شعبان إلا أن يصوم قبله ولو يوما نعم لو لم يعلمن فاتفق فلا بأس على الأصح كما أنه لا يجوز لمن كان عليه شهران متتابعان أن يقتصر على صوم شوال مع يوم من ذي القعدة أو ذي الحجة مع يوم من المحرم لنقصان الشهرين بالعيدين من غير فرق في ذلك بين القاتل في الشهر الحرم وغيره على الأصح والله العالم المبحث الثاني في الصوم المندوب إعلم أن الصوم من أشرف الطاعات وأفضل القربات وثوابه محزون في علم الله تعالى والجنة من النار وزكاة الأبدان والمستعان به على النازلة والفقر وغلبته الشهوة واذهاب البلغم والنسيان وترك الشهوات والملاذ في الفرج والبطن الموجب لصفاء العقل والفكر وبه يدخل العبد الجنة ويبعد عن الشيطان كتباعد المشرق والمغرب ويسود وجهه بل نوم الصائم عبادة ونفسه وصمته تسبيح وعمله متقبل ودعاؤه مستجاب وأنه ليرتع في رياض الجنة وتدعو له الملائكة حتى يفطر وله فرحتان فرحة حين يفطر وفرحة حين يلقى الله تعالى ولا يجري عليه القلم حتى يفطر ما لم يأت بشئ ينقض صومه وخلوق فمه عند الله تعالى أحب من ريح المسك ومن صام يوما لله عز وجل في شدة الحر فأصاب ظمأ وكل الله به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشرونه بالجنة حتى إذا أفطر قال الله جل جلاله ما أطيب ريحك وروحك يا ملائكتي اشهدوا أني قد غفرت له و أن لله ملائكة موكلين بالصائمين والصائمات يمسحونهم بأجنحتهم ويسقطون عنهم ذنوبهم و ملائكة قد وكلهم بالدعاء لهم لا يحصي عددهم إلا الله ولم يأمرهم بالدعاء لأحد إلا استجاب فيه ومن صام يوما تطوعا لو أعطى ملأ الأرض ذهبا ما وفي أجره دون يوم الحساب وكل أعمال
(١٨١)