على أن الأخبار التي رووها في النسخ متناقضة على وجه يعلم منه أنها موضوعة، فإنهم رووا أنها أبيحت عام الفتح وأن النبي صلى الله عليه وآله لم يخرج من مكة حتى حرمها (1) وأنها أبيحت عام أوطاس ثلاثة أيام (2) أو يوما أو ليلة وأنها أبيحت في حجة الوداع، ثم نهى النبي صلى الله عليه وآله عنها (3) وأنها أبيحت أول الاسلام حتى نزلت (إلا على أزواجهم) (4) الآية (5) وأنها نسخت يوم خيبر ويوم تبوك (6) وأين حجة الوداع والفتح وخيبر وتبوك عن أول الاسلام، كما أنه أين هو وأين عام أوطاس.
على أن هذه الآية تكررت في سورتين سورة المعارج والمؤمنون وهما مكيان كما ذكره المفسرون فكيف ينسخ بها ما حكمه مدني؟ وقد التجأوا في رفع هذا الاختلاف إلى القول بتكرر التحريم والإباحة، وليس هو كذلك.
ولكن لما لم يكن لدعوى النسخ أصل وإنما أرادوا بافترائه رفع الطعن، وقد توارد خاطر جماعة منهم على ذلك، فوضع كل منهم من غير أن يعلم بالآخر، فحصل ما حصل مما يعلم به الزور في الأخبار والشهادة عند تفريق الشهود، كما هو المعروف في قصة دانيال (7).
كل ذلك مضافا إلى دلالة الآية على مشروعيتها، فإنها كما عن أكثر المفسرين من العامة فضلا عن الخاصة نزلت فيه، بل قد يؤيد ذلك لفظ الاستمتاع، بناء على أنه حقيقة في المنقطع وإن كان في اللغة موضوعا للانتفاع والالتذاذ، بل لو لم