أشهرهما) عملا بين المتأخرين (المنع في النكاح الدائم، والجواز في المؤجل وملك اليمين) جمعا بين الدليلين، لكن لا ريب في دلالة قوله تعالى (1) (ولا تنكحوا المشركات) الآية على منع النكاح مطلقا، لأن تعليق النهي على الغاية التي هي الايمان يدل على اشتراطه في النكاح، بل تعقيب النهي بقوله تعالى، (أولئك يدعون إلى النار، والله يدعو إلى الجنة " يقتضي كونه علة للمنع، فإن الزوجين ربما أخذ أحدهما من دين صاحبه، فيدعو ذلك إلى دخول النار، وهذا المعنى مطرد في جميع أقسام الكفر، ولا اختصاص له بالشرك، على أنه قيل: إن اليهود والنصارى منهم أيضا، لقول النصارى بالأقانيم الثلاثة، وقد قال الله تعالى (2): (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله) وقال أيضا (3): (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح - إلى أن قال: - سبحانه وتعالى عما يشركون) والاشراك كما يتحقق باثبات إله آخر مع الله سبحانه كذا يتحقق باثبات إله غيره، فتكون الآية حينئذ دالة على المطلوب.
بل لعل قوله تعالى (4): (ومن لم يستطع منكم طولا) الآية دال على المطلوب أيضا، فإنه إنما جوز نكاح الأمة إن لم يقدر على الحرة المؤمنة، فلو جاز نكاح الكافرة لزم جواز نكاح الأمة مع الحرة الكافرة، ولم يقل به أحد، ولأن التوصيف بالمؤمنات في قوله تعالى (5): (من فتياتكم المؤمنات) يقتضي أن لا يجوز - نكاح الكافرة من الفتيات مع انتفاء الطول، وليس إلا لامتناع نكاحها مطلقا، للاجماع على انتفاء الخصوصية بهذا الوجه، ولأن المنع عنها مع انتفاء الطول يقتضي المنع معه بطريق أولى، وفي المحكي عن نوادر الراوندي باسناده (6) عن موسى بن جعفر عن آبائه عن علي عليه السلام (لا يجوز للمسلم التزويج بالأمة اليهودية