ذكرناه يتجه الجواز حينئذ بناء على صحة الفضولي في النكاح وفي جعل مال الغير مهرا، فإن المفروض حينئذ يكون من ذلك، ولا إشكال فيه بعدم صحة الفضولي في العتق إلا إذا قلنا بصحته من المرتهن بإجازة الراهن مع إمكان الفرق بينهما بأن للمرتهن حقا في المال وسلطنته عليه في الجملة بخلافه هنا، على أنه هنا فيه أمر زائد على ذلك، وهو جعل مال الغير مهرا، وقد عرفت فساده فيما تقدم، هذا كله من حيث العتق.
وأما من حيث النكاح فلا ريب في ابتنائه صحة وفسادا على صحة الفضولي وفساده، إذ فساد المهر لا يقتضي بفساده، كما هو واضح، وربما كان في المحكي في جامع المقاصد عن الشارح الفاضل للقواعد إشارة في الجملة إلى ما ذكرناه، فإنه بنى الحكم في المهر هنا وهو العتق على مقدمتين: إحداهما عتق المرتهن والأخرى أن المجعول عتقها مهرا هل المهر هو العتق ابتداء أو هو تمليكها لرقبتها ويتبعه العتق؟
كما لو تزوج جارية غيره وجعل أبا سيدها المملوك مهرا لها، فإنه إذا أجاز السيد النكاح دخل أبوه في ملكه فانعتق عليه، فإن المقدمة الثانية صريحة فيما قلناه.
لكن في جامع المقاصد بعد أن حكى ذلك عنه قال: (والذي يقتضيه صحيح النظر وصادق التأمل أن هذا ليس من مسألتنا في شئ، لأن العتق في هذا الفرض واقع بلفظ صريح وعبارة تخصه، وليس من الأمور الحاصلة بالتبعية في شئ، ومع ذلك فصريح اللفظ أن المهر حقيقة هو العتق، والتعبير بتمليك الجارية رقبتها من الأمور المجازية كما حققناه، وقد أبطله الشيخ في كلامه قبل، فكيف يجعل هذا مقدمة للحكم في هذه المسألة؟ ولا يقال: إنه إنما بنى عليه على زعمهم وإن كان غير صحيح في نفسه، لأنا نقول: قد بينا أنهم لا يريدون بذلك إلا المجازية، فلا يعتد بهذا البناء).
وفيه أنه لا داعي إلى حمل ذلك منهم على المجازية، لما عرفت من أوليته من جعل العتق بصيغته مهرا بل ما سمعته من النصوص (1) الحاكمة بعود النصف رقا أو يسعى بقيمته لو طلقها قبل الدخول شاهدة على ذلك، مضافا إلى ما سمعته وغيره مما يظهر بالتأمل