هو خيرة ابن إدريس للأصل وظهور النصوص (1) في إرادته عن نحو قوله عليه السلام (2):
(طلاق الأمة بيعها) بقرينة تفريع ذلك عليه في بعضها، وظهور الفرق في بطلان القياس عليه بأنه لم يحصل منه رضا بالنكاح أصلا بخلاف المالك الأول.
(ثانيها) ثبوته لمالك الآخر الذي لم يبع سواء كان هو البائع أو غيره، لاختلاف الأغراض في نكاح المماليك بالنسبة إلى المالكين، ولاطلاق نحو قوله عليه السلام (3):
(بيع الأمة طلاقها).
(ثالثها) التفصيل بين البائع وغيره، فيثبت الخيار له دون غيره، للفرق بينهما بالاستصحاب فيه وعدمه في غيره، لكنه كما ترى هو أضعفها، ضرورة أن التخيير الذي كان له إنما هو من حيث كونه مولى لهما، والفرض زواله بالبيع، فلا وجه لاستصحابه، على أن محل البحث في التخيير الحاصل بسبب البيع، وغير الاستصحاب مما ذكرناه دليلا لذلك لا يخص البائع.
وبذلك ظهر لك أن المتجه أحد القولين دون التفصيل، والأقوى اختصاص الخيار بالمشتري، للأصل السالم عن معارضة النصوص، أما على ما قلنا - من كون المراد من " بيع الأمة طلاقها) حصول حكم الطلاق بمجرد البيع من غير فرق بين كون الزوج مثلا ملكا للبائع أو لغيره إلا أن شاء المشتري إبقاء نكاحهما، لصيرورته استدامة النكاح بالنسبة إليه كالنكاح الفضولي ابتداء أو صيرورة البيع بالنسيئة كالطلاق الرجعي وأن أمر الرجعة إليه - فواضح، إذ ليس في شئ من النصوص اعتبار رضا مولى الآخر سواء كان هو البائع أو غيره، وأما على إرادة الخيار منه فلا ريب في كونه غير الظاهر منه، لكن للقرينة - وهي قوله عليه السلام (4): (فإن شاء المشتري) إلى آخره وقوله عليه السلام (5): (إلا أن يشاء المشتري) إلى آخره - حمل على ذلك، ولا ريب