والحمل على المعنى المذكور كر فيما أريد الفرار منه.
فالصواب أن يقال: إن العصيان في قوله عليه السلام: (لم يعص الله) جار على أصله أعني مخالفة الأمر، والمعنى أنه لم يخالف أمر الله في النكاح، فإنه لم يمنعه من النكاح ولم يحرم عليه، وفي قوله عليه السلام: (عصى سيده) مبني على تنزيل العادة منزلة النهي، فإنها قاضية بمنع استقلال العبد بالنكاح وأشباهه مما يجب أن يصدر عن أمر المولى ورأيه أو محمول على فعل ما يجب العقوبة وإن لم يكن لمخالفة الأمر مجازا، ولا يلزم التفكيك القبيح حينئذ للمناسبة الظاهرة بين المعنيين وصحة الحصر بالقياس إلى المعنى المنفي، بخلاف الحمل على مخالفة مقتضى الصحة على ما عرفت.
ويمكن حمله في الموضعين على ما يوجب العقوبة مطلقا، أما في عصيان السيد فلتعذر الحقيقة الموجب للحمل على المجاز، وأما في عصيانه فلئلا يختلف، وحينئذ فلا يلزم التفكيك، غاية الأمر حصول المعنى في أحدهما بمخالفة الأمر، وفي الآخر بأمر آخر غير ذلك، وهذا لا يوجب التفكيك في المعنى المراد من لفظ العصيان، كما هو واضح.
(و) على كل حال ف (لو) كان قد (أذن المولى) ابتداء (صح) بلا خلاف ولا إشكال (وعليه مهر مملوكه ونفقة زوجته) كما تقدم الكلام فيه مفصلا (وله مهر أمته) وإن تأخرت الإذن بلا خلاف ولا إشكال، كما أن الظاهر وجوب النفقة عليه بالإذن المتأخرة للعبد، لأنها يجب يوما فيوما، فهو بالنسبة إلى المتجدد كالإذن المبتدأة من غير فرق، ولأنها تلزم كل يوم، فإنها لا تعيش بلا نفقة، ولا ملك للعبد، فلو لم نوجبها على المولى بقيت بلا نفقة.
أما بالنسبة إلى المهر ففيه إشكال، ولعله من أن الإجازة مصححة أو كاشفة وأن الإذن في الشئ إذن في لوازمه التي منها هنا المهر المعلوم لزومه للعقد الصحيح، والعبد لا يملك شيئا، ومن أن العقد لما وقع تبعه المهر ولم يلزم المولى حينئذ، وإنها رضيت بكونه في ذمة العبد، وفيهما منع ظاهر، فالأقوى وجوبه بها بناء على وجوبه بها في السابقة، لعدم ظهور الفرق بينهما عند التحقيق.