الناشئة من أصل النكاح، فإن معصية الله في نكاح العبد بدون إذن سيده إنما نشأ من عصيان سيده، وهو أمر خارج عن النكاح مفارق إياه.
وحاصل الوجه المذكور أن المعصية الموجبة لفاسد النكاح هي مخالفة أمر الله تعالى في نفس النكاح، وعصيان المملوك في نكاحه بدون إذن سيده ليس كذلك فإنه قد حصل منه في نكاحه ذلك معصيتان: معصية لسيده في أصل النكاح ومعصية لله تعالى باعتبار مخالفته لسيده، ومن المعلوم أن شيئا منهما ليس عصيانا لله في أصل النكاح فلا يكون عصيانه موجبا لفساد النكاح، فمعنى قوله عليه السلام: (إنه لم يعص الله ولكن عصى سيده) أنه لم يعص الله عصيانا راجعا إلى أصل النكاح حتى يفسد نكاحه، وإنما عصى سيده معصية موجبة لعصيان الله فيما هو خارج عن النكاح، وذلك لا يوجب فساده، وهو صريح فيما اخترناه من التفصيل في الأصول، وحجة على كل من إطلاقي القول بالفساد وعدمه.
لا يقال: إن ذلك يقتضي الصحة وإن لم تحصل الإجازة، وهو معلوم البطلان لأنا نقول: عدم الصحة مع فقد الإجازة ليس للتحريم، بل لاشتراط رضا المولى في صحة النكاح وإن كان متأخرا عن العقد، فمع حصوله لم يبق إلا عصيانه في فعله ذلك، وقد عرفت أنه لا يقتضي الفساد، فيصح العقد حينئذ لوجود المقتضي وارتفاع المانع، فقوله عليه السلام: (لم يعص) إلى آخره، إشارة إلى الثاني، وقوله عليه السلام: (فإذا أجازه) إلى آخره، إشارة إلى الأول.
كما أن ما يقال: إنه لا دليل على خصوص المعصية المنفية التي تكون مدار الفساد يدفعه ما عرفت من ظهور الخبرين في عدم اقتضاء المعصية بأمر خارج الفساد، واقتضائها ذلك فيما كان راجعا إلى أصل النكاح أو وصفه اللازم، كما يشهد له قوله عليه السلام: (إنما أتى شيئا حلالا) إلى آخره، على أنه لا إشكال في دلالة الخبرين المزبورين على بطلان إطلاقي القول بالفساد وعدمه، وذلك يستلزم التفصيل، إذ ليس في المسألة تفصيل آخر يمكن الحمل عليه.
كما يدفع ما عساه يقال - من أن العصيان مخالفة الأمر، والسؤال في الرواية