يتزوج المرأة متعة بمهر إلى أجل معلوم وأعطاها بعض مهرها بالباقي ثم دخل بها، وعلم بعد دخوله بها قبل أن يوفيها باقي مهرها أنها زوجته نفسها ولها زوج مقيم معها، أيجوز له حبس باقي مهرها أم لا يجوز؟ فكتب: لا يعطيها شيئا، لأنها عصت الله) فإن ظاهر نسبة التأخير إليها مشعر باستحقاقها الأخذ منه قبل المدة، بل قد يشعر به غيرة (1) أيضا من الأخبار، ولعله لذا كان المحكي عن المفيد والمرتضى والقاضي التصريح بذلك، بل لعله الظاهر من المصنف والفاضل وغيرهما على معنى إرادة المصاحبة من الباء أو السببية التامة في الدفع، لا أن المراد كون العقد سببا في الوجوب في الجملة على وجه لا ينافي اشتراطه بأمر آخر، ذلك لأن المهر أحد العوضين الذي لا يجب تسليمه على أحدهما قبل أن يتسلم العوض الآخر، فمع التعاسر يتقابضان معا، بل قد سمعت في كتاب الإجارة عدم وجوب تسليم العوض قبل تسلم العمل، وخبر عمر بن حنظلة معارض بما سمعته من بعض نسخه، ومن هنا جزم جماعة بعدم وجوب دفع تمام المهر.
لكن فيه (أولا) أن المتجه على تقرير إلحاق ما هنا بالإجارة التفصيل بين الأمة والحرة، فيجب دفع المهر بتسليم الأولى بخلاف الثانية على قياس استئجار العين المملوكة واستئجار الحر اللهم إلا أن يفرق بين الدابة والأمة باعتبار استقلال المستأجر في الأولى في الاستيفاء بخلاف الثانية التي يمكن أن تتمتع عليه في الاستيفاء، (وثانيا) أنه ينبغي توزيع المهر على تمام المدة، ولا أظنه يلتزمونه، (ثالثا) أنه يمكن منع كون المقام من ذلك، بل هو أشبه شئ بالمهر الذي يستقر بالدخول، لما سمعته من الآية (2) والرواية (3) (بل في جامع المقاصد الاجماع عليه خ ل) نعم هو باعتبار ضرب المدة فيه لا يستقر ملكها له حتى تمضي المدة ممكنة كما سيأتي، والله العالم.