إلى السيد والمعظم تارة وأخرى قال: " إن العمل بخبر إسماعيل بن الفضل اتفاق من الأصحاب أو من أكثرهم ".
وعلى كل حال فلا ريب في أنه الأقوى، لعموم " الوقوف " و " المؤمنون " وعدم جواز الرجوع بالصدقة التي لم يكن التصدق بها على الوجه المزبور، وليس هذا من ادخال الواقف نفسه في الوقف قطعا بل هو تقييد للوقف بما يقتضي انتهاءه، ودوام الوقف غير شرط كما عرفته سابقا من صحة الوقف المنقطع، ولا تعليق فيه على وجه ينافي عقد الوقف، بل هو تقييد للوقف على نحو تقييده بوجود الموقوف عليه أو بغيره من الأوصاف التي لا اشكال في جوازها، ضرورة رجوعه إلى جعله وقفا ما دام غنيا عنه، فإنه بناء على مشروعية المنقطع منه، لا فرق في الأوصاف التي يكون ارتفاعها غاية، بين أن تكون في الموقوف عليه أو في غيرهم بعد اشتراكهما في اقتضاء ارتفاعهما بقاء الوقف حينئذ بلا موقوف عليه، وصيرورته من غير الموقت الذي قد عرفت بطلانه نصا وفتوى، وليس هو من اشتراط الخيار في الوقف الذي لم أعرف خلافا في عدم جوازه، عدا عبارة في محكي التحرير لم يعلم أنها له أو للشيخ.
وعلى كل حال لا ريب في شذوذها لمنافاته اللزوم في الوقف على وجه لم يشرع فسخه اختيارا بوجه، وما نحن فيه إنما هو من انتهاء الوقف بانتهاء الوصف المعلق عليه، وفرق واضح بين المقامين، والخبران - بعد احتمال إرادة البطلان فيهما باعتبار اشتراط كونه أحق به، وهو وقف، لما سمعت من اعتبار اخراج نفسه من الوقف في جميع الأحوال، وحينئذ يكونان خارجين عما نحن فيه - يمكن إرادة الرجوع ميراثا في الأول منهما بعد فرض حصول الحاجة منه، وعاد الوقف إليه بحسب شرطه فإذا هلك بعد أن كان كذلك رجع المال إلى ورثته، ضرورة بطلان الوقف بحصول الحاجة، والوجه في ذلك أن السائل سأل عن صحة الشرط وعدمه، وأنه على تقدير صحته يكون أحق به ما دام حيا، فإذا هلك يبقى على الصدقة لعدم حاجته إليه، أو يرجع ميراثا؟ فأجاب الإمام عن ذلك كله بالرجوع ميراثا، بمعنى أن الشرط صحيح وإذا حصلت الحاجة إليه رجع المال إليه، وبعد رجوعه لا يعود إلى الوقف، بل هو ميراث.