انقضائه إلى الواقف أو ورثته على الخلاف حيث لا يجعله بعده لمصلحة أخرى تقتضي التأبيد وأما الثاني فقد استشكل فيه من أصالة البقاء فيكون كالمؤبد، ومن الشك في حصول شرط انتقال الملك عن مالكه مطلقا الذي هو التأبيد فيحصل الشك في المشروط فلا يحكم إلا بالمتيقن منه، وهو خروجه عن ملكه مدة تلك المصلحة، ويبقى الباقي على أصالة البقاء على ملك مالكه.
ولا يخفى عليك ما فيه بعد ما عرفت من ظهور كلمة الأصحاب في إرادة الوقف المؤبد لا ما يشمل منقطع الآخر الذي هو بناء على مشروعيته ما يراد انقطاعه من أول صدوره وكون ذي المصلحة مما ينقرض غالبا لا ينافي دوام الوقف بعد عدم انحصاره فيها، وإنما هو مصرف فيها حيث يكون، ولو بأن يعود بعد الخراب، وإلا فهو وقف على المسلمين، ويراد حينئذ بوجوه البر ذلك، أو أن المراد تلك الجهة، ولكن قد تعذرت، وتعذرها لا يقتضي البطلان كما عرفت وأن الصرف في وجوه البر للأصل الذي قد ذكرناه في كل مال قد تعذر مصرفه، كما يومي إليه في الجملة ما في كثير من النصوص الواردة في نحو الوصية والنذر المعين الذي له مصارف مخصوصة وقد تعذر كالخبر (1) " عن انسان أوصى بوصية فلم يحفظ الوصي إلا بابا واحدا منها كيف يصنع بالباقي، فوقع (عليه السلام) الأبواب الباقية اجعلها في وجوه البر ".
ونحوه خبر طويل (2) يتضمن " أنه لو أوصى رجل بتركته إلى رجل وأمره أن يحج بها عنه، قال الوصي: فنظرت فإذا شئ يسير لا يكفي للحج، فسألت الفقهاء من أهل الكوفة فقالوا تصدق به عنه، فتصدق به، ثم لقي بعد ذلك أبا عبد الله (عليه السلام) فسأله وأخبره بما فعل، فقال: إن كان لا يبلغ أن يحج به من مكة فليس عليك ضمان، وإن كان يبلغ ما يحج به، فأنت ضامن ".
بل قد يؤيده في الجملة، ما في جملة وافرة من الأخبار (3) مما يدل أن ما أوصى به