للكعبة أو كان هديا أو نذرا يباع إن كان جارية ونحوها، وإن كان دراهم يصرف في المنقطعين من زوارها، على أن القسم الأول الذي قد اعترف بصحة كلام الأصحاب فيه مبني على ذلك، ضرورة عدم مدخلية زعمه لدوام المصلحة في صحة الوقف بعد فرض بيان فساده، ولولا تفاق خلاف العادة، إذ لو لم يكن مبنى الصحة ما ذكرناه توجه بطلانه لعدم الموقوف عليه حينئذ ولو في الفرض النادر. هذا.
وربما احتمل وجوب الصرف في الفرض إلى ما شابه تلك المصلحة فيصرف وقف المسجد في مسجد آخر، والمدرسة إلى مثلها، اقتصارا على المتيقن، لاحتمال إرادة المثالية فيما ذكره مصرفا في الوقف المراد تأبيده أو لفحوى ما دل على صرف آلات المسجد بعد اندراسه أو خرابه في مسجد آخر، على ملاحظة الشارع الأقرب إلى نظر الواقف.
ولكن قد عرفت اطلاق فتوى الأصحاب الذي مبناه ما قلناه، من استواء القرب كلها في عدم تناول عقد الوقف لها، وعدم قصده إليها بخصوصها، فلا أولوية لبعضها على بعض بالنسبة إلى ذلك، ومجرد المشابهة لا دخل لها في تعلقه بها، فيبطل القيد، و يبقى أصل الوقف من حيث القربة، فيصرف في كل فرد منها، ولعل ذلك منشأ ما ذكرناه من الأصل، ونوقش بأن تحري الأقرب فالأقرب ليس من حيث المشابهة، بل من حيث دخوله في نوع المصلحة الخاصة، وإن تميزت عنه بالخصوصية، فإذا أزالت بقي أفراد النوع الآخر الممكنة داخلة، فكان الوقف تضمن أشياء ثلاثة، القربة والمسجدية مثلا، و خصوصية المسجد، فإذا أزال الأخير بقي الأول، لقاعدة " الميسور " و " ما لا يدرك ".
بل في المسالك ولعل هذا أقرب، وتبعه في الرياض، إلا أنه أشكله في الأول بأنه آت في المصلحة التي تعلم انقطاعها أيضا، مع أن حكم منقطع الآخر متناول لها، إلا أن يخص هذا بما لا يتعلق بمصالح المسلمين، مثل الوقف على أولاده من غير أن يسوقه في باقي البطون ونحو ذلك، ثم قال (1): (وليس بذلك، البعيد) وللتوقف مجال، وكذا في الرياض، فإنه بعد أن ذكر مثل ذلك قال: هذا كله في غير معلومة الانقطاع، أما فيها ففي انسحاب الحكم أو لحاقها بمنقطع الآخر كما يظهر من بعض الأجلة وجهان، من اطلاق