كما صار التأبيد قرينة على إرادة الوقف لو كان اللفظ حبسا ولولا صالة الصحة، صرح المصنف والشهيدان في الدروس والمسالك والروضة بالأول منهما، وفي جامع المقاصد فيه قوة، لكن قد يناقش بعدم صلاحية ذلك صارفا عن المعنى الحقيقي، ولو بملاحظة أصالة الصحة التي لا مدخلية لها في الدلالة على المقصود الشامل للصحيح والفاسد بعد ظهور اللفظ في الحقيقة المقتضية للفساد.
نعم لو قيل: بصيرورته حبسا وأن قصد معنى الوقف بدعوى أنه قدر مشترك بينهما كما عساه يظهر من بعضهم، وأن تشخيص كل منهما يحصل بذلك ونحوه كان متجها إلا أنه كما ترى، ضرورة تباينهما مفهوما حتى بالنسبة إلى تمليك العين وإن اشتركا في شئ في الجملة نحو اشتراك البيع والصلح مثلا في نقل العين على أنك قد عرفت فيما مضى أن التمييز على هذا الفرض منحصر في القصد حينئذ فمع فرض عدمه يبطلان معا كما هو واضح.
ومن هنا قال في المسالك تبعا لجامع المقاصد، بعد أن ذكر التعليل المزبور إنما يتم مع قصد الحبس فلو قصد الوقف الحقيقي وجب القطع بالبطلان، وإن ناقشه في الرياض بأنه كذلك بناء على المختار من اشتراط الدوام، وأما على مختاره من التردد في اشتراطه، فلا وجه للقطع به، ولعل مراده على تقدير اشتراطه، ولكن يدفعها أن تردده فيه بالنسبة إلى المسألة الآتية، لا بالنسبة إلى التوقيت الذي لم نعرف قولا بصحته، بل ولا احتمالا.
ومن ذلك يظهر لك أن ما أتعب به نفسه - حتى أنه ذكر أدلة المسألة الآتية وما فيها من الشهرة وغيرها في هذه المسألة - في غير محله واشتباه، وكان الذي أوقعه في ذلك ما في الكفاية من نسبة القول باعتبار الدوام إلى جماعة، وفرع عليه الاقتران بمدة، إلا أنه لم يذكر فيه أيضا قولا بالصحة وقفا بخلاف المسألة الآتية، فإنه هو قد اختار الصحة وقفا.
كما أنه غره في الاستدلال في المقام على الصحة حبسا بالصحيحين فقال:
الأظهر الاستدلال عليه بصحيح ابن مهزيار (1) " قلت له: روى بعض مواليك عن آبائك