الفتاوى هنا وثمة، والاحتياط لا يترك في المقام.
وفيه ما لا يخفى بعد الإحاطة بجميع ما ذكرناه، بل منه يعلم عدم تحريرهم موضوع البحث عند الأصحاب، وأنه الوقف المؤبد الذي ذكر فيه الصرف على مصلحة خاصة وقد تعذرت، وأنه لا محل هنا لقاعدة الميسور، بعد ما سمعت من الأصل ومعلومية عدم قصد الواقف ذلك، إذ لم يصدر منه إلا ذكر المصرف الخاص الذي يرتفع بارتفاع الخصوصية كما هو واضح.
(ولو وقف على وجوه البر) الذي هو كما قيل: اسم جامع للخير كله (وأطلق صرف في الفقراء والمساكين وكل مصلحة يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى) بلا خلاف محقق أجده، وإن تعلق بعض وجوهه في الأغنياء أيضا بعد أن يكون من الخير المأمور يفعله شرعا ولا يجب تحري الأكمل فالأكمل بعد اطلاق العنوان كما هو واضح، وما عن الوسيلة و الجامع من أن سبل البر الجهاد والحج والعمرة: ومصالح المسلمين، ومعونة الفقراء و الضعفاء، لا خلاف فيه لما ذكرناه، مع أن العنوان فيه سبيل البر لا وجوهه، وإن كانا هما بمعنى.
(ولو وقف علي بني تميم) ونحوهم مما هو غير محصور (صح) ولو بني آدم (ويصرف إلى من يوجد منهم) ولا يجب عليه تتبع غيرهم، بل لا يجب استيعاب الموجودين على الأصح كما ستعرفه في المسألة العاشرة في اللواحق.
(وقيل:) والقائل ابن حمزة منا والشافعي من غيرنا (لا يصح لأنهم مجهولون) فيعتذر المصرف (والأول هو المذهب) بل حكي الاجماع عليه غير واحد صريحا وظاهر أو اشعارا، مضافا إلى اطلاق الأدلة وخصوص خبر النوفلي (1) " كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) أسأله عن أرض وقفها جدي على المحتاجين من ولد فلان بن فلان، وهم كثير متفرقون في البلاد فأجاب (عليه السلام) ذكرت الأرض التي وقفها جدك على الفقراء من ولد فلان بن فلان، وهي لمن حضر البلد الذي فيه الوقف، وليس لك أن تتبع من كان غائبا " ويمكن حمل كلام المخالف على ما إذا علم إرادة الاستيعاب المفروض تعذره فيه، لا ما إذا