وإن كان منع ذلك كله واضحا، لمعلومية تحقق الانشاء بصدور الايجاب، و التعليق إنما هو لحصول الأثر لا للانشاء المقتضي لذلك، والأوامر المعلقة يتحقق معنى الأمر فيها، بصدورها، ولذا يتحقق وصف المطيع والعاصي بالعزم على امتثالها وعدمه، قبل حصول المعلق عليه، بل لعل التأمل يشرف الفقيه على القطع بعدم إرادة تعليق معنى الآمرية فيها، على معنى أن يكون مأمورا عند حصول المعلق عليه، مع أنه لم يتجدد أمر غير ذلك، فيرجع إلى صيرورته مأمورا بلا أمر، وهو معلوم الفساد.
ومن هنا اتجه صحة القبول قبل حصول المعلق عليه، لتحقق المعنى الانشائي القابل للقبول، ولا يستلزم ذلك قبول الرد لعدم الدليل على بطلان حكم الانشاء بقوله لم أقبله مثلا في مثل المقام، بل وفي غيره حتى العقود اللازمة، إذا كان قد وقع على وجه لم يقدح باتصال قبولها به، اللهم إلا أن يكون اجماعا، فيقتصر عليه كالاقتصار هنا له أيضا على تأثيره بعد الموت دون الحياة.
ومن ذلك بان الوجه في عدم اعتباره على التقديرين، لكن ومع ذلك فالانصاف يقتضي عدم الفرق بينه وبين القبول بالنسبة إلى تحقق المعنى المقابل، لتعلقهما به، ولعل شهرة الأصحاب هنا غير معتد بها، بعد أن علم أن المدرك فيها عدم حصول ما يقبل الرد لتعليق الأثر على الموت الذي قد فرض عدم تحققه، فيكون كالطلاق قبل النكاح الذي صححه أبو حنيفة، لما عرفت من بطلانه بتحقق المعنى القابل للقبول و الرد هنا، ويمكن أن لا يكون مدركهم ذلك، وإن ذكره بعض المتأخرين لهم، ولذا، كان خيرة المصنف جواز القبول حال الحياة، وعدم الحكم للرد فيها، ولعله لما أشرنا إليه من عدم دليل يصلح لقطع استصحاب صحة الايجاب بذلك، لا لما ذكروه بقي شئ في المقام، وهو أنه ربما استفيد من اطلاق المصنف وغيره عدم الفرق في ذلك بين سبقه بالقبول وعدمه، ولكن يشكل ذلك بما ظاهرهم الاجماع عليه من كون الوصية عقدا جائزا من الطرفين، ومقتضاه تسلط الموصى له على فسخه حينئذ، ولا ريب في اقتضائه بطلان العقد، إذ هو معنى الفسخ، كما أن معنى الرد والفسخ