نعم ظاهرهم بل صريح بعضهم عدم تحقق العقد في شئ منها بالفعل في الايجاب، لكن لا يخفى عليك مشروعيته في الجميع، كما لا يخفى عليك صدق أسمائها كالعارية والوديعة، ونحوهما على ذلك، فلا مناص حينئذ عن القول بجواز ذلك فيها ولحقوق أحكامها له، إلا أنه ليس عقدا لها، فهو شبه المعاطاة في العقود اللازمة التي تندرج في الاسم، ولا يجري عليها حكم العقد، وليس عدم الثمرة هنا بين المعاطاة و العقد بعد الاشتراك في الجواز مانعا من ذلك كما هو واضح. فينحصر العقد هنا بالايجاب لفظا والقبول كذلك أو فعلا، وما عداه معاطاة، وهو ما كان ايجابه فعلا، سواء كان قبوله كذلك أو لا؟.
بقي الكلام في أمرين:
أحدهما: أن ظاهر اطلاق المصنف وغيره حتى معقد اجماع الغنية ونحوه عدم الفرق في افتقار هذا القسم من الوصية إلى الايجاب والقبول بين كونها لمعين وغير معنى كالوصية بشئ للفقراء أو لبني هاشم، وغير ذلك مما هو غير محصور، أو كان لجهة كالمسجد.
لكن في القواعد واللمعة وجامع المقاصد والمسالك والروضة ومحكي التذكرة والتحرير والمختلف والإيضاح والدروس والتنقيح وإيضاح النافع والكفاية أنه ينتقل بالموت من غير حاجة إلى القبول، بل في المسالك " نفى الخلاف فيه، وعن إيضاح النافع أن عليه الفتوى، وظاهرهم أنه لا يحتاج إلى قبول من الحاكم وإن أمكن، بل في الروضة التصريح بذلك، قال: " ولا يفتقر إلى قبول الحاكم وإن أمكن، كالوقف وربما قيل: فيه بذلك، ولكن لا قائل به هنا " ونحوه في جامع المقاصد، ولعله لاطلاق الأمر بانفاذ الوصية بعد فرض صدقها هنا على ذلك، من غير حاجة إلى قبول، والسيرة المعلومة، وما عساه يستفاد مما ورد من الوصايا بنحو ذلك ولما استدل به في التذكرة وغيرها من تعذر القبول منهم جميعهم، والبعض ترجيح بلا مرجح، على أن الكلام في البعض الآخر، وإن أمكن المناقشة فيه بامكان اعتبار قبول الحاكم الذي هو بمنزلة الجميع، أو الناظر.
لكن، لا يخفى عليك أن فساد ذلك لا يقتضي فساد أصل الدعوى، وإن تخيله بعض من عاصرناه، قائلا قضية كلامهم أنه لولا هذه العلة لوجب القول بالقبول، وهذا