فرض تأخره - لعدم اعتبار اتصاله بالايجاب ولا بالموت - يراد منه قبول المراد بالايجاب الذي هو الملك بالموت، كما عرفت، وهو معنى الكشف، فيكون دليله جميع ما دل على مشروعية هذا الفرد من الوصية التي لا وجه لقبولها إذا تأخر إلا الكشف، وبذلك افترقت عن باقي العقود التي يراد بايجابها معناه عند القبول حتى العقد الذي لم يعتبر فيه اتصال القبول بالايجاب كالوكالة فضلا عما اعتبر فيه ذلك كالبيع ونحوه.
وقد ظهر بذلك أن الأقوال في المسألة ثلاثة، أحدها: أن القبول تمام السبب الناقل كباقي العقود.
والثاني: كونه شرطا في الملك كاشفا.
والثالث: كونه شرطا في اللزوم، وقد يحتمل عدم مدخليته أصلا في ملك ولا لزوم، وإنما الرد مانع، بل قد يحتمل عدم مانعية الرد أيضا، إلا أن كلام الأصحاب كأنه متفق على خلاف الأخيرين، بل قد سمعت ضعف الثالث عندهم، وأن المعتد به القولان الأولان، كما أن المشهور منهما الثاني الذي قد عرفت كونه أقويهما.
ومنه يعلم عدم كون الوصية من العقود المتعارفة، بل قد سمعت ما يصلح دليلا لكل من الأقوال، وإن أطنب في ذلك بعض المتأخرين، لكن على وجه غير مهذب ولا منقح، بل ومشتمل على حشو كثير، وما لا فائدة يعتد به، كالاطناب في الفروع المتفرعة على القول بالنقل والكشف، حتى عقد لذلك في التذكرة بحثا مستقلا، ضرورة عدم خفائها على المتنبه الذي قد أحاط بما تقدم لنا في الفضولي الذي قد سمعت البحث فيه عن الإجازة بالنسبة إلى النقل والكشف، والفروع المتفرعة على ذلك، بل قد عرفت هناك المراد من الكشف على وجه لا ينافي شرطية الرضا في الملك، لا أنه شرط للعلم بحصول الملك، وكذا الكلام هنا وإن كان هو ظاهر الكركي بل صريحه لكنه ضعيف مناف لما دل من الاجماع وغيره على اعتبار القبول في الملك، كما هو واضح بأدنى تأمل والله هو العالم.
(و) على كل حال ف (لو قبل) الموصى له (قبل الوفاة) أي وفاة الموصي (جاز) وفاقا للمشهور لصدق اسم الوصية والعقد معه، فيندرج تحت أدلتهما،