بالتفصيل أي البطلان في الأول دون الثاني واضح الفساد، بعد النص الجامع لشرائط العمل الذي منه يعلم أيضا أنه لا وجه للتفصيل بين من يعلم كون غرضه خصوص الموصى له، فتبطل حينئذ مطلقا، وبين من لم يعلم غرضه فتصح وتنتقل إلى الوارث، بل ربما ظهر من بعضهم خروج القسم الأول عن الخلاف، لكن فيه أنه إن لم يكن ذلك على جهة الشرطية أو ما في معناها لا وجه للبطلان أيضا كالتفصيل بين علم الموصي وظهور أمارات البقاء فكالمشهور، وبين عدم علمه، أو ظهور كون المقصود، خصوص الموصى له، فالبطلان وإن تجرد عن جميع القرائن فالتوقف، إذ كل ذلك اجتهاد في مقابلة النص، أو تهجس بلا داع، سوى الأصل - المقطوع بما عرفت.
والصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) " أنه سئل عن رجل أوصى له أحد، فمات الموصى له قبل الموصي قال: ليس بشئ " الذي مثله موثق منصور بن حازم عنه أيضا القاصرين عن معارضة ما عرفت من وجوه.
منها الاعتضاد بالشهرة العظيمة القريبة من الاجماع المخالفة للمشهور بين العامة، ومنه ينقدح حملها على التقية دون العكس الذي لم ينقل إلا عن الحسن البصري والتقية فيه مع بعدهما لا تتأتى فيما روي عن الصادقين (عليهما السلام) ومن بعدهما لتأخر زمانهم عنه، بل قد يشهد لذلك العدول في الجواب إلى ما هو غير واضح الدلالة، إذ من المحتمل كون المراد عدم كون الموت شيئا ينقض الوصية، بل قيل: إنه أنسب بأسلوب الكلام، وتذكير الضمير المستتر في الفعل، ولعدم التنافي بين الروايات وتنزيلها أيضا على ما إذا نقض الموصي الوصية بعد موت الموصى له، وكون المراد الوصاية لا الوصية التمليكية، وغير ذلك مما يظهر منه أن المقام مقام ترجيح وطرح، لا مقام جمع لانتفاء التعادل الذي هو شرط فيه، على أنه لو سلم فهو يقتضي التأويل في المحتمل دون النص الذي لا يقبل التأويل، كما هو واضح.
وسوى أن وارث الموصى له إنما يرث ما كان له، والمال قبل قبوله للموصي الذي لم يصدر منه إلا عطية للموصى له، فيكف يرث وارثه مال شخص آخر، وكيف يقبله له، مع أن الايجاب وقع لغيره، وهو الذي قد أشرنا إلى أنه اجتهاد في مقابلة النص، مع