بالوصية واجب ولا يمكن إلا بالرجوع عن الأولى المشروع في نفسه بخلاف الثانية.
نعم لو نص على التشريك أو دلت عليه قرينة عمل به، بل في جامع المقاصد " و كذا لو دلت قرينة على صدور الوصية الثانية لنسيان الأولى، وأنه لم يرجع عنها فإن العمل بالأولى حينئذ وإن كان لا يخلو من نظر كما ستعرف.
نعم لو قال: من تركتي لم يكن رجوعا على الأقوى، لأن الموصى به من جملتها، ودعوى اختصاصها بما كان حقا للوارث بالإرث ممنوعة.
ولو أوصى له بألف، ثم أوصى له بألف ففي القواعد هي واحدة، وكذا بألف معينة ثم بألف مطلقة وبالعكس، ولو أوصى بألف ثم بألفين، فهي ألفين، ووافقه عليه في جامع المقاصد ولكن لا يخلو من تأمل مع فرض عدم القرينة، لأصالة التعدد في الاستثناء الذي لا يتصور في تكراره التأكيد. نعم هو كذلك في الاقرار فتأمل جيدا.
وعلى كل حال فالرجوع يتحقق بذلك (أو بفعل ما ينافي الوصية، فلو باع ما أوصى به) أو أعتقه (أو أوصى ببيعه، أو وهبه وأقبضه أو رهنه) كذلك أو كاتبه (كان رجوعا) لاقتضاء البيع والهبة مع القبض والعتق نقل الملك وإزالته المنافي كل منهما لبقاء الوصية، والرهن منع الراهن من التصرف وتسلط المرتهن على استيفاء حقه من القيمة المنافي لمقتضى الوصية الذي هو الملك تاما بالموت والقبول، وليس هو كالوصية بالمرهون المنزلة على إرادة العهدية على تقدير الفك، وافضاء الكتابة إلى انقطاع السلطنة عليه، التي من جملتها الوصية به وما عن بعض العامة من أن البيع ليس رجوعا، لأنه يتضمن أخذ البدل - واضح الضعف.
إنما الكلام في أن اقتضاء هذه الأمور الرجوع - للتنافي، بل هو في الحقيقة ليس رجوعا، بل بطلان للوصية بانتفاء محلها وانتقاله عن ملك الموصي، ومن هنا يتجه البطلان حتى لو صدر ذلك منه نسيانا للوصية، أو الدلالة على قصد الرجوع، نحو ما ستسمعه من التعريض لما هو مناف للوصية وتظهر الثمرة حينئذ في البطلان بما أوقعه من البيع، وإن ظهر فساده، لكن ستعرف المناقشة في دلالة ذلك ونحوه على إرادة انشاء الرجوع.