نعم يصح الوصية بذلك على معنى العهد، أي يأمر بوقفه بعد وفاته مثلا، فتأمل جيدا كي يظهر لك ما في كثير من كلماتهم في المقام، حتى أن منهم من زاد في التعريف " أو تسليط على تصرف " لإرادة شمول الوصاية بمعنى الولاية، مع أنه ينتقض بالتدبير أيضا، ولذا زاد في الكفاية مع ذلك " أو فك ملك قيل: أو تسليط ".
ومنهم من عرفها بأنها " تنفيذ حكم شرعي من مكلف أو ما في حكمه بعد الوفاة " و هو كما ترى خارج عما نحن فيه، ضرورة كون التنفيذ فعل الوصي أو الحاكم، وهما معا خارجان عن الوصية، فضلا عن محل البحث، والأمر في ذلك كله سهل.
(و) على كل حال ف (الايجاب كل لفظ دل على ذلك القصد) وضعا أو بقرينة ولو حالية (كقوله: أعطوا فلانا بعد وفاتي، أو لفلان كذا بعد وفاتي) مريدا بالأول انشاء التمليك بذلك، لا الأمر بفعله بعدها (أو أوصيت له) بكذا من غير تقييد بما بعد الوفاة، للاستغناء عنه بلفظ الوصية بخلاف الأولين.
نعم ينبغي أن يظهر إرادة انشاء التمليك فيه بذلك ولو بقرينة حالية، لا الوصية العهدية الخارجة عن محل البحث.
ولو قال: هو له فهو إقرار في الحال لا يقبل منه حمله على الايصاء عند التداعي، إلا أن يكون قد قرنه بما يفسد الاقرار، ويجعله وصية.
نعم قد يقوى الاكتفاء بنيته التي قد فسر اللفظ بها بعد ذلك، إذا لم يكن له معارض ولا خصم، والمال في يده وتحت سلطنته، وكذا الكلام في قوله وهبته، ثم فسره، بإرادة الوصية لا التنجيز، أما لو قرن ذلك ونحوه بما يقتضي ذلك لم يكن اشكال حينئذ في الحكم بكونه وصية، لعدم اختصاصها بلفظ، وكذا لو قال: عينت له كذا بعد وفاتي أو جعلت له كذا.
نعم ينبغي أن يكون استعماله اللفظ في ذلك جاريا مجرى الاستعمال المتعارف ولا يكفي إرادته ذلك من لفظ غير صالح، لإرادته حقيقة ولا مجازا، وكذلك الكلام في القبول الذي هو أوسع من الايجاب ولذا جاز فيه أن يكون فعلا دالا على الرضا بالايجاب بلا خلاف أجده فيه، وفي سائر العقود الجائزة.