الموصي فعله بعد وفاته بأمر ونحوه، لا ما يشمل محل البحث، وهي بهذا المعنى ليست من العقود قطعا بل ضرورة.
ومن ذلك يظهر لك ما في اطلاق كثير من الأصحاب كون الوصية عقدا ثمرته تمليك العين أو المنفعة بعد الوفاة، اللهم إلا أن يريدوا من ذلك أحد أفراد الوصية، ولعل الظاهر ذلك، وحينئذ، فلا وجه لنقض التعريف المزبور بالوصاية وبالوصية بابراء المديون وبالوقف ونحو ذلك، ضرورة كون المراد تعريف ذلك المفرد من الوصية، لا مطلق الوصية به، بل لا يرد التدبير أيضا، بناء على أنه عتق معلق جاز للدليل، لا وصية، بل لو سلمنا أنه وصية فهو قسم آخر منها خارج عما نحن فيه، من البحث عن الوصية التمليكية الملحقة بكتاب العطايا والصدقات، وحينئذ فالتعريف تام.
نعم زاد فيه في محكي التذكرة وإيضاح النافع تبرعا، ولعله لبيان الواقع باعتبار ظهور النص والفتوى في اعتبار المجانية في الوصية بالمعنى المزبور، لأنها بمنزلة الصدقة، فلو قال: هذا لفلان بعد موتي بكذا بطلت.
فما في جامع المقاصد - من اشكاله بما إذا أوصى بالبيع ونحوه من المعاوضات فإنه وصية، ولا تبرع فيه - في غير محله لما عرفت من أن محل البحث في الوصية المملكة، لا العهدية، وقد عرفت اعتبار المجانية فيه، بل الظاهر اقتصار التمليك فيها على ما كان نحو الصدقة، فلو قال: بعث هذا من زيد بعد وفاتي بكذا مثلا بطل - لا للتعليق الذي يمكن دفعه بأنه ممنوع في البيع، لا في الوصية به التي مبناها على ذلك، ولذا، جاز في صيغة التمليك المجاني، بل لعدم ما يدل على صحة الوصية على الوجه المزبور، بعد ما عرفت من ظهور نصوصها في خلاف ذلك فيما كان بلفظ التمليك ونحوه فضلا عما كان بلفظ البيع والصلح والإجارة ونحوها مما لا دليل على صحة إيجاب الوصية بها، فضلا عن ملاحظة العوض فيها.
ومن ذلك لم يصح انشاء الوقف والرهن وغيرهما مما لا عوض فيه بالوصية على وجه يكون كالتمليك، بأن يقول: هو وقف بعد وفاتي على زيد، أو هو رهن بعد وفاتي أو نحو ذلك.