وفيه: أن الاطلاق المزبور معارض بإطلاق ما دل على المنع فيها من النصوص و غيرها، والصحيح معارض بصحيح عبيد بن زرارة (1) عن الصادق (عليه السلام) " لا ينبغي لمن أعطى لله تعالى أن يرجع فيه وما لم يعطه الله وفي الله، فإنه يرجع فيه نحلة كانت أو هبة حيزت أو لم تحز ولا يرجع الرجل فيما يهب لامرأته ولا المرأة فيما تهب لزوجها، حيز أو لم يحز، أليس الله تعالى يقول " ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا " وقال " فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " وهذا يدخل فيه الصداق والهبة المؤيد بصحيح ابن بزيع (2) " سألت الرضا (عليه السلام) عن الرجل يأخذ من أم ولده شيئا وهبه لها، من غير طيب نفسها من خدم أو متاع أيجوز ذلك له، قال: نعم، إذا كانت أم ولده " بناء على أن المراد بالشرط مملوكته، لعدم صحة الهبة لها، فيدل بمفهومه حينئذ على عدم الجواز إذا كانت زوجته، واجماع الشيخ موهون بمصيره نفسه إلى خلافه، على ما حكي عنه، وحمل الصحيح المزبور على الكراهة ليس بأولى من حمل الصحيح الأول على فساد الصدقة، بخلوها عن القربة، بل هذا أولى، إن لم يكن متعينا وترجيح الأول بمخالفته لمذهب أبي حنيفة معارض بموافقة الثاني للكتاب، بل منه يستفاد كون الآية (3) دليلا مستقلا لا يصلح لمعارضتها حينئذ ما سمعت: فضلا عن أن يحمل ما فيها من النهي على الكراهة بعد التصريح في الخبر بتناول ذلك للصداق والهبة ولعل هذا هو الذي دعا صاحب الكفاية إلى القول بعدم الجواز هنا مع قوله بالجواز في هبة ذي الرحم فما أطنب في التعجب منه في الرياض حينئذ في غير محله.
والمناقشة - في الصحيح المزبور باشتماله على ما لا يقول به أحد من لزوم الهبة قبل القبض - يدفعها عدم خروجها بذلك عن الحجية في غيره، مع أن الصحيح الأول في الصدقة التي تنزيلها على الهبة مع عدم القصد بكونها لله ليكون مما نحن فيه ليس بأولى من حملها على الصدقة غير لازمة أو غير صحيحة، بناء على اشتراط القربة في صحتها أو لزومها، بل هذا أولى لما فيه من بقاء الصدقة على حقيقتها، ومع التنزل