هو على الظاهر بقاء نفس عين الموهوب قائما في يد المتهب بالهبة السابقة ليستحق الرجوع به، فمتى تصرف فيه تصرفا منافيا لذلك لم يجز الرجوع، لانتفاء شرطه، ويمكن إرادة القائل باللزوم به التصرف الذي هو كذلك لا مطلقه الذي لا ينافي شيئا من ذلك ويصدق معه بقاء نفس العين قائمة في يد المتهب، وإلا لم يبق لأخبار جواز الرجوع في الهبة على كثرتها موضوع، ضرورة صدق التصرف بوضعه بعد قبضه ويسقى الدابة وعلفها ولمسها وركوبها ونحو ذلك كما أنه يمكن إرادة المصنف عدم اللزوم بمطلقه لا ما كان منه نحو التلف في انتفاء شرط الرجوع، وحينئذ تلتئم كلمة الجميع، وتذهب متعبة ثاني الشهيدين وأطنابه في ترجيح خيرة المصنف وبطلان القول الآخر حتى ذكر له أدلة عشرة، وردها أجمع، ولكن قد ذكرها على وجه يدخل بعضها في بعض ويسهل الجواب عنها أجمع وظن أن ذلك أقصى ما يقال لهم، ولا يخفى عليك أنه اطناب في غير محله، وإنما الأصل في المسألة الصحيح المزبور (1) الذي لا اشكال فيه من حيث السند لأنه وإن عد من قسم الحسن إلا أنه كالصحيح، بل أعلى من بعض أفراده وتحرير أن الأصل في الهبة اللزوم، أو الجواز الذي ستسمعه في المسألة الآتية فمن خص مفهومه بصورة التلف، اقتصر في اللزوم عليه، ومن جعل مفهومه أعم من ذلك كما هو الواقع ضرورة كونه أعم منه كما عرفت، تعدى من التلف إلى غيره مما يدخل في المفهوم المزبور، بل إليه نظر القائل بالتفصيل الذي نسبوا إلى الدروس وابن حمزة وجماعة، وهو اللزوم بالخروج عن الملك، أو تغيير الصورة كقصارة الثوب ونجارة الخشب والوطئ للأمة وعدمه بدون ذلك كالركوب والسكنى واللبس، بل عن ابن حمزة زيادة ولا يقدح الرهن والكتابة بل قيل: أن مقتضى اطلاقه عدم الفرق بين العود إلى ملك الواهب وعدمه، مع أن غير واحد من الأصحاب جعل في المسألة قولين لا غير، بل قد سمعت احتمال كون القول فيه واحدا لبعد التزام القول باللزوم بمطلق التصرف كبعد التزام اللزوم في خصوص التلف، مع أن الصحيح المزبور شامل لغيره قطعا، ولعله لذا جعل في الدروس التصرف بالخروج عن الملك خارجا عن محل الخلاف كالتلف لكن في المسالك أن التفريع على
(١٨٧)