وسابقه، بناء على أنهما من الحبس ولا ينافيه اطلاق الخبرين المزبورين المحمولين على الحبس المطلق، خصوصا وفي سؤال أحدهما ذلك، على أن التعارض بينهما و بين ما ذكرنا من وجه، ولا ريب في أن الترجيح لذلك، ولو لفتوى الأصحاب.
إنما الكلام في لزوم الأول إلى موت الحابس، وجوازه ففي القواعد إن لم يعين كان له الرجوع متى شاء، ومال إليه بعض من تأخر عنه، ولعله لكونه حينئذ كالسكنى المطلقة، بناء على أن جوازها للقاعدة باعتبار عدم اقتضاء عقدها إلا الطبيعة التي تتحقق بالمسمى.
وفيه أن ذلك لما سمعته من النص، وإلا فمقتضى العقد اللزوم، وصيرورة السكنى مطلقا ملكا له، إذ ليست هي إلا شيئا متحدا، والتعدد إنما يكون في استيفائها، وقد ملكت بالعقد، إلا أن النص المزبور كشف عن أن الحكم فيها شرعا ذلك، فلا يقاس عليها الحبس خصوصا بعد ظهور الفرق بينهما، بعدم انسياق احتمال إرادة ذلك فيه، بل مقتضى عقده حصول الحبس في المحبوس الذي يحتاج إلى دليل شرعي في فكه، و الوقت ليس من مقوماته.
ومن هنا ذهب وهم ابن أبي ليلى إلى لزومه، وعدم تغييره بموت الحابس، ولولا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقضاء علي (عليه السلام) " برد الحبيس وانفاذ المواريث " لكان متجها، بل قد يدعى ظهور الخبرين المزبورين في لزومه إلى موت الحابس، بل لعله مقتضى التدبر في عبارة اللمعة أيضا.
وربما يشهد لما ذكرنا حكمهم بلزوم الوقف المنقطع الآخر إلى موت الموقوف عليهم، فيرجع إلى ورثة الواقف حينئذ، وما هو إلا لاقتضاء عقد الوقف ملك الموقوف عليه المنفعة المقتضي دوامه، ولو بالاستصحاب بل مقتضاه صيرورة المنفعة إرثا، إلا أن النصوص السابقة صرحت برجوعه إلى الورثة.
ومنه يعلم قوة ما تقدم منا من كون الوقف المنقطع قسما من الوقف مشروع في نفسه، لا أنه حبس كما ذكروه، وإلا لاقتضى بطلانه بموت الحابس، ونحو ما سمعته هنا في الحبس المطلق، لا موت المحبوس عليه، بل وكان جائزا على ما ذهب إليه