وهو المنساق من لفظ التمليك.
نعم ينتقض بالهبة المعوضة، ولو بالقربة، وقد يدفع بأن المراد - من قوله " من غير عوض ومجردا عن القربة " - عدم لزوم ذلك فيها، لا عدم اتفاق حصوله فيها، كما أن المراد من اقتضائه التمليك ما لا ينافي توقفه على أمر آخر، كالقبض كما هو واضح.
(و) على كل حال ف (قد يعبر عنها بالنحلة والعطية) وإن كانا هما أعم منها، ضرورة صدقهما على مطلق العطاء المتبرع به، الشامل للوقف والصدقة وغيرهما، كما أن الهبة أعم من الصدقة والهدية، بناء على ما سمعته سابقا من التذكرة والمسالك مفرعين عليه البر بهما فيما لو نذر الهبة، دون العكس مطلقا، والحنث بهما فيما لو حلف أن لا يهب فتصدق أو أهدى، دون العكس، بتقدير فعله فردا منها خارجا، وإن كان قد عرفت النظر فيه منا بالنسبة إلى الصدقة والهبة، فلاحظ وتأمل.
(و) كيف كان ف (هي) بمعنى العقد (تفتقر إلى الايجاب والقبول و القبض) بالنسبة إلى صحتها وترتب الأثر عليها، (فالايجاب كل لفظ) أو ما قام مقامه نحو إشارة الأخرس (قصد به التمليك المذكور) وكان صالحا للدلالة عليه، بحسب التحاور (كقوله مثلا وهبتك وملكتك) أو نحوهما، من غير فرق بين صيغة الماضي وغيره، فيكفي مثل قوله هذا لك قولا واحدا، كما في الرياض وغيره، وهو مؤيد لما قلناه سابقا من عدم اعتبار اللفظ المخصوص في العقود اللازمة، فضلا عن الجائزة كما أوضحناه سابقا هذا.
ولكن في المسالك بعد أن حكى عن ظاهر الأصحاب الاتفاق على افتقار الهبة مطلقا إلى العقد القولي في الجملة، قال: " فعلى هذا ما يقع بين الناس على وجه الهدية من غير لفظ يدل على ايجابها وقبولها لا يفيد الملك، بل مجرد الإباحة، حتى لو كان جارية لم يحل الاستمتاع به، لأن الإباحة لا تدخل في الاستمتاع ".
قال الشيخ في المبسوط: " وإن أراد الهدية ولزومها وانتقال الملك منه إلى المهدي إليه الغائب، فليوكل رسوله في عقد الهدية معه، فإذا مضى وأوجب له وقبل المهدي إليه أقبضه إياها لزم العقد، وملك المهدي إليه الهدية " ونحوه قال في