كالصريح في حصول الملك الموجب للفطرة بالهبة قبل القبض، اللهم إلا أن يدعى أن عنوان وجوب الفطرة " الموهوب " وإن لم يكن ملكا، إلا أنه كما ترى، والتزام اختلاف كلام الشيخ لبعد المسافة بينهما أولى منه.
وعلى كل حال فكلام القائلين بكونه شرطا للزوم غير منقح، وخصوصا بعد ما ستعرفه من الاجماع على جواز الهبة بعد القبض أيضا إلا في مواضع خاصة، وحمل كلام القائل عليها - بمعنى أنه لا جهة للزوم قبله - بخلاف ما بعده فإنه قد يلزم - واضح الفساد، بل الظاهر أن اللزوم في المواضع المخصوصة، لخصوصها، لا للقبض الذي هو كما أنه حاصل فيها حاصل في غيرها، ولو كان سببا في اللزوم لاقتضاه في الجميع كما هو واضح، اللهم إلا أن يقال كما ستعرف فيما يأتي أن المراد بجواز الرجوع بالهبة ما لا ينافي اللزوم، باعتبار عدم كونه فسخا لعقد الهبة، وإنما هو ناقل للملك من المتهب، وحينئذ يكون العقد لازما بالقبض، بمعنى عدم جواز فسخه، وإن جاز الرجوع بالهبة، بخلاف ما القبض، فإن له فسخ العقد، وعليه ينطبق حينئذ ما في بعض النصوص من أن له الخيار ما لم يقبض، فإنه لا خيار له في نفس العقد بعد القبض ولكنه أيضا مناف لظاهر ما تسمعه منهم من كون الرجوع بالهبة بعد القبض فسخا لعقدها لا ناقلا مستقلا، وإن ذهب إليه بعض الشافعية فلاحظ وتأمل، وحينئذ تتم المنافاة المزبورة، بل هو أيضا مناف للاجماع المحكي إن لم يكن المحصل على مدخلية القبض في الهبة مطلقا في الجملة، وعلى التقدير المزبور ليس للقبض حينئذ في أكثر أفراد الهبة مدخلية لا في صحة ولا في لزوم.
وبذلك كله يظهر ضعف القول المزبور بل لم أتحقق قائلا به على الوجه المحرر عند المتأخرين الذي ذكروا له الثمرات، وإن نسب إلى جماعة كظاهر الشيخين وبني حمزة والبراج وإدريس ولم يحضرنا كلام بعضهم، ولعله كغيره مما حضرنا لا صراحة فيه أو غير مفتح.
كل ذلك مضافا إلى دلالة النصوص على المشهور أيضا كخبر أبي بصير (1) المنجبر