الدروس، وجعل عدم اشتراط الايجاب والقبول احتمالا.
واختلف كلام الفاضل، ففي القواعد جزم باعتبار الايجاب والقبول والقبض فيها و في محكي التحرير قرب في أول الباب استغنائها عن الايجاب والقبول، عملا بالإذن المستفادة من العادة، وقال في آخر كلامه نحو ما في المبسوط، ثم قال: " ولو قيل: بعدم اشتراط القبول نطقا كان وجها، لقضاء العادة بقبول الهدايا من غير نطق ".
وظاهر المحكي عن التذكرة عدم احتياجها إليهما، لأنه حكى عن قوم من العامة أنه لا حاجة في الهدية إلى ذلك، بل البعث من المهدي كالايجاب، والقبض من المهدى إليه، كالقبول، لأن الهدايا كانت تحمل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من كسرى وقيصر وسائر الملوك فيقبلها، ولا لفظ هناك، واستمر الحال من عهده إلى هذا الوقت من سائر الأصقاع، ولهذا كانوا يبعثون على أيدي الصبيان الذين لا يعتد بعباراتهم - ثم قال - ومنهم من اعتبرهما، كما في الهبة، واعتذروا عما تقدم بأن ذلك إباحة لا تمليك، وأجيب بأنه لو كان كذلك لما تصرفوا فيه تصرف الملاك، ومعلوم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يتصرف فيه ويملكه غيره، ويمكن الاكتفاء في هدايا الأطعمة بالارسال والأخذ، جريا على العادة بين الناس، - إلى أن قال: - والتحقيق مساواة غير الأطعمة لها، فإن الهدية قد تكون غير طعام، فإنه قد اشتهر هدايا الثياب والدواب من الملوك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن مارية القبطية أم ولده كانت من الهدايا ".
وفي جامع المقاصد إنه قوي متين، وفي المسالك هو حسن، لكن قال: " ومع ذلك يمكن أن يجعل ذلك كالمعاطاة يفيد الملك المتزلزل، ويبيح التصرف والوطي، ولكن يجوز الرجوع فيها قبله، عملا بالقواعد المختلفة، وهي أصالة عدم اللزوم مع عدم تحقق عقد يجب الوفاء به، وثبوت جواز التصرف فيها، بل وقوعه، ووقوع ما ينافي الإباحة وهو الوطي واعطاؤه الغير، فقد وقع ذلك للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، في مارية القبطية أم ولده (1)، وقد كان يهدى إليه الشئ فيهديه لزوجاته وغيرهن (2)، وأهدى إليه حلة فأهداها لعلي (عليه السلام) من غير أن ينقل عنه قبول لفظي، ولا عن الرسل ايجاب كذلك مقارن له، وهذا كله يدل على