إذ قد عرفت فتوى المشهور في الوقف، بعدم الاحتياج إلى القبول، فضلا عن الحبس، وإن كان قد سمعت المناقشة فيه منا، وأما القبض فعن التذكرة، واللمعة والمسالك والروضة اعتباره في الحبس.
لكن قد سمعت سابقا في الوقف وفي الصدقة أن أقصى ما تقتضيه الأدلة اعتباره في اللزوم، دون الصحة، فضلا عنه، فإنه لا دليل على اعتباره فيه، اللهم إلا أن يستفاد من فحوى ما دل عليه في الوقف المنقطع، ومما دل عليه في الصدقة فيما كان منهما متمما بعدم القبول بالفصل.
نعم الظاهر عدم اعتبار نية القربة في صحته، لما عرفته سابقا في الوقف، وفي السكنى من أصالة عدم الاشتراط وغيرها، خلافا للمحكي عن المقنعة، والنهاية والوسيلة والتحرير وجامع المقاصد والتذكرة، ثم إن الظاهر أنه كالوقف بالنسبة إلى الموقوف والموقوف عليه كما عن المقنعة والنهاية والمهذب والوسيلة وجامع الشرايع والتحرير وغيره من كتب المتأخرين، بل لعل حكمهم في الوقف المنقطع الآخر بأنه حبس ظاهر أو صريح في ذلك، وربما كان هذا هو السبب في عدم استقصائهم الكلام في عقده، وشرطه، ومورده والمحبوس عليه، ونحو ذلك.
بل لعل النصوص أيضا كذلك، فإنا لم نعثر فيه إلا على صحيح ابن أذينة (1) قال:
" كنت شاهدا لابن أبي ليلى فقضى لرجل جعل لبعض قرابته غلة داره ولم يوقت وقتا فمات الرجل فحضر ورثته عند ابن أبي ليلى، وحضر قرابته التي جعل لها غلة الدار فقال ابن أبي ليلى أرى أن أدعها على ما تركها صاحبها، فقال له: محمد ابن مسلم الثقفي أما إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قد قضى في هذا المسجد بخلاف ما قضيت، فقال: وعلمك؟ فقال سمعت أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) يقول قضى: علي بن أبي طالب (عليه السلام) برد الحبس وانفاذ المواريث، فقال ابن أبي ليلى: هذا عندك في كتاب؟ قال: نعم قال: فأرسل إليه وائتني به، فقال محمد بن مسلم: على أن لا تنظر في الكتاب إلا في ذلك الحديث، فقال: لك ذلك، فأحضر الكتاب فأراه الحديث عن