إلحاق النذر المزبور بالوصية في الحكم المذكور أحد القولين في المسألة، والآخر أنه من الأصل، فلا يناسب دعوى الاجماع عليه بل في دعوى الاجماع على خروج الوصية من الثلث فضلا عنه مناقشة، لمعروفية خلاف الصدوق في ذلك اللهم إلا أن لا يعتد بخلافه، وأيضا فمحل البحث هنا تصرفات المريض التي معظمها الوصية ولم يفده إلا بالتشبيه، مع أن الحكم المزبور غير خاص بالمريض اعترف هو به.
وما في المسالك - من أنه بناء على ما استفيد من تعريف المصنف الوصية بأنها تمليك عين أو منفعة إلى آخره يتحقق أفراد كثيرة يطلق عليها اسم التصرف المؤجل دون الوصية، كالوصية بالعتق والوقف على جهة عامة، والوصية بابراء المديون، وغير ذلك، - فيه ما لا يخفى، ضرورة أنه لا وجه لانكار اطلاق اسم الوصية العهدية على ذلك، وإن انتفى عنها اسم الوصية التمليكية، كما كشفنا عن ذلك في أول الكتاب، والأمر في ذلك سهل بعد وضوح المراد.
(أما منجزات المريض إذا كانت تبرعا) محضا (كالمحاباة في المعاوضات، والهبة، والعتق والوقف، فقد قيل: إنها من أصل المال، وقيل: من الثلث، و اتفق القائلان: على أنه لو برء) المريض (لزمت من جهته وجهة الوارث أيضا) أي من حيث كونها تبرع مريض (والخلاف فيما لو مات في ذلك المرض).
وقد أشبعنا الكلام في جميع أطراف المسألة في كتاب الحجر حتى فيما ذكره المصنف هنا أيضا من قوله (ولا بد من الإشارة إلى) ذلك (المرض الذي معه يتحقق وقوف التصرف على الثلث) بناء عليه (فنقول:) إن المحكي عن الشيخ و من تبعه أن عنوان الحكم في ذلك المرض المخوف.
وحينئذ ف (كل مرض لا يؤمن معه من الموت غالبا فهو مخوف، كحمى الدق والسل، وقذف الدم، والأورام السودائية والدموية والاسهال المنتن، والذي يمازجه دهنية، أو براز أسود يغلي على الأرض، وما شاكله) مما يرجع فيه إلى أهل الخبرة والتجربة من الأطباء، فإن الأمراض يحصل بها تفاوت، وله طرفان وواسطة، أما أحد الطرفين فهو الذي يقارن الموت، كحال من قطع حلقومه ومريه، وشق جوفه وأخرج