ثم أقول: إنه قد يستشكل في الفرق بين كثير من فروع الأول وفروع الثاني، فإن المعتبر عندهم إن كان اتحاد نفس الفعل المدلول عليه بالشهادة مطابقة المشهود به، فظاهر أنه لم يتحقق فيما ذكروه للفروع الثانية، لظهور تغاير الإقرارين والمسروقين والوصيتين.
وإن كفى اتحاد لوازمه ومتضمناته فهو أيضا يتحقق في كثير من فروع الأول، فإن لازم كل من البيع والإقرار به كون المبيع ملكا للمشهود له.
ويستلزم أو يتضمن كل من غصب الأمس دينارا وفي الدار واليوم وفي البيت لغصب الدينار، وكذا البيع.
ويستلزم أو يتضمن كل من قذف الغداة والعشي وبالعربية والعجمية للقذف.
فيتحقق في هذه الفروع أيضا المشهود به الواحد.
وحله أن يقال: إنه يكفي اتحاد الأجزاء واللوازم أيضا، لأنها أيضا مشهود بها، لأن الإخبار عن الملزوم والكل إخبار عن اللازم والجزء، فتصدق شهادة العدلين على هذا الشئ الواحد، ولكن لما يشترط في سماع الشهادة والحكم بها كون المشهود به أمرا موجودا واحدا في الشهادتين، فلا تسمع الشهادة على أمر غير ممكن الوجود - كالجنس بلا فصل، أو النوع بلا تشخص - أو على أمر موجود في كل شهادة بوجود غير وجوده في الأخرى، كما إذا كان في إحداهما هو الحيوان الناطق، وفي الأخرى الصاهل.
وعلى هذا، فلو شهد أحدهما بالفرس والآخر بالإبل، لا يحكم بالحيوان المطلق، لعدم إمكان وجوده الخارجي، ولا بأحدهما، لأنه غير الآخر.