من الاخبار التي بعضها يوافقه بحسب ظاهره، وسايرها متضمن للامر بالنزح من البئر عند وقوع جملة من النجاسات فيه، وهذا التعليق مدفوع بأن التعارض واقع بين ما تعلقوا به وبين الاخبار التي أوردناها أولا والتأويل ممكن، فيجب المصير إلى الجمع وتلك أوضح دلالة فيتعين جعل التأويل في جانب ما يوهم النجاسة، وبابه متسع وطريقه سهل فلا حاجة إلى الإطالة ببيانه.
وصار جماعة من الأصحاب إلى إيجاب النزح مع القول بعدم الانفعال تمسكا بظاهر الأوامر.
ويرده خبر محمد بن إسماعيل بن بزيع المتقدم في صدر الباب من حيث دلالته على الاكتفاء بمزيل التغير عند حصوله، ولو كان نزح المقدر واجبا مع عدم التغير لوجب استيفاؤه معه بطريق أولى والاكتفاء ينفي وجوب الاستيفاء فينتفي ملزومه، على أن الاخبار المتضمنة للأوامر كما ستراها كثيرة الاختلاف والاجمال وذلك أمارة الاستحباب.
محمد بن الحسن بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن عبد الله بن أبي يعفور، وعنبسة بن مصعب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلوا ولا شيئا تغرف به فتيمم بالصعيد، فإن رب الماء رب الصعيد ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم.
قلت: وبهذا الحديث أيضا استدل للقول بالانفعال بالملاقاة من حيث الامر فيه بالتيمم والنهي عن إفساد الماء، وضعفه ظاهر لقيام القرينة الواضحة على أن المسوغ للتيمم عدم الوصلة إلى الماء لفقد الآلة، وأن المقتضي للنهي عن الافساد ما يترتب على الوقوع من إثارة الحماءة، وهي بالنظر إلى الانتفاع بالماء في الشرب ونحوه إفساد. واتفق لبعض المتأخرين توهم مساواة هذا الحديث في الدلالة على الانفعال بخبر محمد بن إسماعيل الدال على عدمه حيث أثبت الفساد في هذا ونفاه في ذاك، فكل ما يقال في التأويل من جانب