في المعنى سواء، فتجعل هاتان الكلمتان كقوله أعطيتني ويصدق فيهما إذا كان موصولا لا إذا كان مفصولا بطريق أنه بيان تغيير. وأبو يوسف قال فيهما لا يصدق موصولا ولا مفصولا، لان الدفع والنقد اسم للفعل لا يتناول العقد مجازا ولا حقيقة، فكان قوله إلا أني لم أقبض رجوعا والرجوع لا يعمل موصولا ولا مفصولا، فأما الاعطاء قد سمي به العقد مجازا، يقال عقد الهبة وعقد العطية.
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: إذا قال لفلان علي ألف درهم إلا أنها زيوف لم يصدق موصولا ولا مفصولا. وقال أبو يوسف ومحمد: يصدق موصولا لان قوله إلا أنها زيوف بيان تغيير، فإن مطلق تسمية الألف في البيع ينصرف إلى الجياد، لأنه هو النقد الغالب وبه المعاملة بين الناس وفيه احتمال الزيوف بدون هذه العادة، فكان كلامه بيان تغيير فيصح موصولا لا مفصولا، كما في قوله إلا أنها وزن خمسة وكما في الفصول المتقدمة بل أولى، فإن ذلك نوع من المجاز وهذا حقيقة لان اسم الدراهم للزيوف حقيقة كما أنها للجياد حقيقة. وأبو حنيفة يقول: مقتضى عقد المعاوضة وجوب المال بصفة السلامة، والزيافة في الدراهم عيب لان الزيافة إنما تكون بغش في الدراهم والغش عيب، فكان هذا رجوعا عن مقتضى أول كلامه والرجوع لا يعمل موصولا ولا مفصولا، وصار دعوى العيب في الثمن كدعوى العيب في البيع، بأن قال: بعتك هذه الجارية معيبا بعيب كذا، وقال المشتري بل اشتريتها سليمة، فإن البائع لا يصدق سواء قاله موصولا أو مفصولا، بخلاف قوله إلا أنها وزن خمسة فإن ذلك استثناء لبعض المقدار بمنزلة قوله إلا مائتين، وبخلاف قوله لفلان علي كر حنطة من ثمن بيع إلا أنها ردية لان الرداءة ليست بعيب في الحنطة، فالعيب ما يخلو عنه أصل الفطرة والرداءة في الحنطة تكون بأصل الخلقة، فكان هذا بيان النوع لا بيان العيب فيصح موصولا كان أو مفصولا.
وعلى هذا لو قال لفلان علي ألف درهم من ثمن خمر، فإن عند أبي يوسف ومحمد هذا بيان تغيير من حقيقة وجوب المال إلى (بيان) مباشرة سبب الالتزام صورة وهو شراء الخمر فيصح موصولا لا مفصولا. وأبو حنيفة يقول هذا رجوع، لان