معنى وحكما حتى لا يكون الفطر مباحا له في هذا اليوم أصلا. وعلى هذا قلنا:
النوم في كونه حدثا علة اسما وحكما لا معنى، إذ المعنى الذي هو مؤثر في الحدث خروج نجس من البدن أو من أحد السبيلين على حسب ما اختلف العلماء فيه وذلك غير موجود في النوم إلا أن النوم بصفة مخصوصة وهو أن يكون مضطجعا أو متكئا لكونه دليل استرخاء المفاصل يقوم مقام خروج شئ من البدن تيسيرا.
وعلى هذا حكم النسب فإن ملك النكاح علة لثبوت النسب اسما وحكما لا معنى، لان المعنى الذي هو مؤثر في النسب كون الولد مخلوقا من مائه ولكنه باطن، فقام النكاح الذي هو ظاهر مقامه تيسيرا. وكذلك المس عن شهوة والنكاح في حكم حرمة المصاهرة، فإنه يكون اسما وحكما لا معنى. وكذلك الاستبراء، فإن استحداث ملك الوطئ بملك اليمين علة لوجوب الاستبراء اسما وحكما لا معنى، لان المؤثر في إيجاب الاستبراء اشتغال الرحم بماء الغير لمقصود صيانة مائه عن الخلط بماء آخر، وذلك باطن فقام السبب الظاهر الدال عليه وهو استحداث ملك الوطئ بملك اليمين مقام ذلك المعنى في وجوب الاستبراء به. ولم يقم ملك النكاح مقام ذلك المعنى لان زوال ملك النكاح بعد وجود السبب الموجب لشغل الرحم يعقب عدة بها يحصل المقصود وهو براءة الرحم فلا حاجة إلى إيجاب الاستبراء عند حدوث ملك، وأما زوال ملك اليمين بعد الوطئ لا يعقب وجوب ما هو دليل براءة الرحم، فتقع الحاجة إلى إيجاب الاستبراء عند حدوث ملك الحل بملك اليمين لمقصود براءة الرحم. وأمثلة هذا النوع أكثر من أن تحصى. وهذا في الحاصل نوعان: أحدهما إقامة الداعي مقام المدعو كالمس والنكاح الداعي (إلى) ما يثبت به معنى البعضية. والثاني إقامة الدليل مقام المدلول كاسترخاء المفاصل بالنوم، فإنه دليل خروج شئ من البدن، والتقاء الختانين في كونه موجبا للاغتسال، لأنه دليل خروج المني عن شهوة، والمباشرة الفاحشة في كونه حدثا عند أبي حنيفة وأبى يوسف رحمة الله عليهما، لأنه دليل خروج شئ منه حين انتشرت الآلة بالمباشرة. وعلى