لا ضمان عليه، لأنه سلطه على ما فعل، أي حين مكنه من المال، فقد سلطه على إتلافه حسا، والتسليط يخرج فعل المسلط من أن يكون جناية في حق المسلط، ثم بقوله: احفظ، جعل التسليط مقصورا على الحفظ بطريق العقد، وهذا في حق البالغ صحيح وفي حق الصبي لا يصح أصلا وفي حق العبد المحجور لا يصح في حالة الرق. وعلل الشافعي في الزنا أنه لا يوجب حرمة المصاهرة، وقال: الزنا فعل رجمت عليه والنكاح أمر حمدت عليه، فهذا استدلال في الفرق بوصف مؤثر، أي ثبوت حرمة المصاهرة بطريق النعمة والكرامة، فيجوز أن يكون سبب الكرامة ما يحمد المرء عليه ولا يجوز أن يكون سببه ما يعاقب المرء عليه وهو الزنا الموجب للرجم.
وقال: النكاح لا يثبت بشهادة النساء مع الرجال، لان النكاح ليس بمال.
وهذا تعليل بوصف مؤثر، يعني أن المال مبتذل وملك النكاح مصون عن الابتذال، وفي شهادة النساء مع الرجال ضرب شبهة أو هي حجة ضرورة فما يكون مبتذلا تجري المساهلة فيه وتكثر البلوى والحاجة إليه فيمكن إثباته بحجة فيها شبهة أو بما هو حجة ضرورة، فأما ما يكون مصونا عن الابتذال فإن البلوى لا تكثر فيه وهو عظيم الخطر أيضا فلا يثبت إلا بحجة أصلية خالية عن الشبهة، فعرفنا أن طريق تعليل السلف هو الإشارة إلى الوصف المؤثر، فعلى هذا النمط يكون أكثر ما عللنا به في الخلافيات.
منها أن علماءنا قالوا في أنه لا يشترط التكرار في المسح بالرأس لاكمال السنة إنه مسح فلا يسن تكراره (كالمسح بالخف والتيمم. وقال الشافعي: هو ركن أصلي في الطهارة فيسن فيه التكرار) كالغسل في المغسولات، فكان المؤثر ما قلنا، لان في لفظ المسح ما يدل على التخفيف، فإن المسح يكون أيسر من الغسل لا محالة، وتأدى الفرض في هذا المحل بفعل المسح دليل التخفيف أيضا، وكون الاستيعاب فيه ليس بشرط بخلاف المغسولات تخفيف آخر، والاكتفاء بالمرة الواحدة لإقامة الفرض والسنة من باب التخفيف، ففي قولنا مسح إشارة إلى ما هو مؤثر فيه وليس في قوله ركن إشارة إلى ما ينفيه، ثم المقصود بالسنة